للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال العلماء ببينونة المرتهن بالرهن واختلفوا في قبض عدل يوضع الرهن على يديه فأجازه الجمهور وخالفهم آخرون. وعند المالكية أن الرهن يبطل إذا خرج من يد المرتهن إلى الراهن بوجه من الوجوه ووافقهم الحنفية وخالفهم الشافعية الذين قالوا: إن رجوعه إلى يد الراهن مطلقًا لا يبطل حكم القبض المتقدم.

وبينا أن الإسلام ألغى عمل الجاهلية في غلق الرهن للحديث الوارد في ذلك وأخيرًا ذكرنا رهن من أحاط الدين بماله وجواز ذلك ما لم يفلس ويكون المرتهن أحق بالرهن من الغرماء على خلاف في ذلك.

أما الانتفاع بالمرهون أرضًا أو حيوانًا أو منزلًا أو غير ذلك فالحكم أنه حرام باتفاق إذا نص عليه في عقد الرهن لأنه قرض جر نفعًا. ورأى أكثر الحنفية وبعض الشافعية أن لا بأس بالانتفاع إذا اتفق عليه الطرفان ولم ينص عليه في العقد وشبهوه بأمر الهدية في الدين.

واختلف العلماء فيما إذا كانت العين المرهونة محتاجة إلى نفقة كعلف أو تشحيم أو نظافة دورية فرأى كثير منهم الانتفاع به فيما يساوي قيمة النفقة فقط لورود النص بذلك. ورأى بعضهم أن لا ينتفع الدائن إلا إذا امتنع صاحب العين من الإنفاق عليها وهو ما تأولوا به النص الوارد في ذلك.

وهناك تعامل آخر بين الناس أساسه عقد إيجار أو عقد بيع، فقد يشتري الرجل أحيانًا عقارًا أو غيره، ويبقى من ثمن المبيع في ذمته مقدار ما، فيرهن المشتري للبائع بما بقي في ذمته من ثمن المبيع أرضًا زراعية مثلًا، ويذكر في صلب العقد أن هذه العين رهن في باقي الثمن، وأن للبائع حق الانتفاع بها مدة معينة.

فانتفاع صاحب الدين في مثل هذه الحادثة حلال عند المالكية والشافعية وكذلك حلال في رواية عند الحنابلة وحرام عند الحنفية.

والله أعلم.

الدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

<<  <  ج: ص:  >  >>