إذا ثبت بأن بيع الوفاء والرهن سواء في الأحكام فلتشرع في بيان أحكام بيع الوفاء باسم الرهن والراهن والمرتهن والمرهون وذلك لأن اسم بيع الوفاء اسم جديد لا يرى استعماله في المصطلحات القديمة من عهد الصحابة والتابعين ولا في زمان فقهاء الدور الأول.
اختلف الأئمة في الجواز وعدم جواز الانتفاع بالمرهون للمرتهن أو للراهن، فرأى أبو حنيفة أنه لا يملك الراهن الانتفاع به، وقال الشافعي (رح) للراهن أن ينتفع به ما لم يضر المرتهن وأنكر أبو حنيفة ومالك والشافعي انتفاع المرتهن به خلافًا لأحمد (رح) .
والأصل في الباب في حديث الظهر يركب إذا كان مرهونًا ولبن الدر يشرب إذا كان مرهونًا وعلى الذي يركب ويشرب نفقته.
أخرج أبو داود عن أبي هريرة وابن ماجه عنه مرفوعًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لبن الدر يحلب بنفقته إذا كان مرهونًا وعلى الذي يحلب ويركب النفقة)) . قال أبو داود هو عندنا صحيح. نقل صاحب المشكاة هذا الحديث عن صحيح البخاري. وروى الشافعي مرسلًا عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه)) وروى مثله ومثل معناه لا يخالفه عنه عن أبي هريرة متصلًا. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم وهو قول أحمد وإسحاق وقال بعض أهل العلم: ليس له أن ينتفع من الرهن.
قال ابن حجر في تلخيص الحبير في تخريج أحاديث شرح رافع الكبير في هذا الحديث بأنه أعل بالوقف وأشار ابن أبي حاتم إلى رفعه.
فهذا الحديث بظاهره يدل على جواز الانتفاع بالمرهون، وبه أخذ أحمد وغيره للمرتهن، وحمله الشافعي على الراهن وجواز الانتفاع له، قال السيوطي في مرقات الصعود شرح سنن أبي داود: تأوله الشافعي على الراهن وأحمد على المرتهن، وفي إرشاد الساري احتج به الإمام أحمد حيث قال: يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن إذا قام بمصلحة ولو لم يأذن له المالك، وأجمع الجمهور على أن المرتهن لا ينتفع من الرهن بشيء.