وقال صاحب الهداية وشرحها: إن حكم المرتهن عندنا صيرورة الرهن محتبسًا بدين المرتهن حبسًا دائمًا بإثبات يد الاستيفاء منه فحسب، ولهذا لا يجوز عندنا انتفاع الراهن واسترداده لأنه يفوت موجبه وهو الحبس الدائم، ويجوز عنده لعدم كونه منافيًا لموجبه وهو تعينه للبيع، وأما إبداء احتمال أنه منسوخ كما ذكره الطحاوي فيخدشه أن النسج لا يثبت بالاحتمال، أن هذا الحكم كان في زمان إباحة الربا وإباحة القرض الذي جر منفعة وحكم بمنع كل ذلك لا يحكم بنسخه، نعم يصح أن يقال إنه معارض لخبر النهي عن القرض الذي جر منفعة، ومن المعلوم أنه عند التعارض بين الحل والحرمة ترجح الحرمة، والخبر المذكور هو ما ذكره صاحب الهداية وغيره في بحث الكراهية أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قرض جر نفعًا وهو وإن كان متكلمًا فيه سندًا لكنه مؤيد بآثار الصحابة وعمل الأئمة.
وحقق عبد الحي اللكنوي بأن أصحاب الحنفية بعدما اتفقوا على أنه لا يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن بدون إذن الراهن، اختلفوا في جوازه بالإذن على أقوال عديدة كما دلت عليه عباراتهم المختلفة، الأول: أنه جائز. الثاني: أنه ليس بجائز. والثالث: أنه جائز قضاء غير ديانة. والرابع: أن الإذن إن كان مشروطًا فهو غير جائز وإلا فهو جائز. والخامس: إن كان الإذن مشروطًا فهو حرام وإن لم يكن مشروطًا فهو مكروه وذكر عبارات مشاهيرهم الدالة على تفرقهم.
ثم قال: وأولى الأقوال المذكورة وأصحها وأوفقها برواية الحديث هو القول الرابع، ما كان مشروطًا يكره وما لم يكن مشروطًا لا يكره، أما كراهة المشروط فلحديث كون القرض الذي جر منفعة ربا، وأما عدم كراهة غير المشروط فلحديث الظهر يركب ولبن الدر يشرب، والمراد بالكراهة التحريمية كما يفيده تعليلهم بأنه ربا وهو المراد من الحرمة في قول من تكلم بحرمة المشروط فإن المكروه التحريمي قريب من الحرام بل كأنه هو ... إلخ.
وملخص ما ذكر في الموسوعة الفقهية: ص٢٦٠ - ٢٦١ - ٢٦٣:
حكم بيع الوفاء: اختلف الفقهاء في الحكم الشرعي لبيع الوفاء فذهب المالكية والحنابلة والمتقدمون من الحنفية والشافعية إلى أن بيع الوفاء فاسد، لأن اشتراط البائع أخذ المبيع إذا رد الثمن إلى المشتري يخالف مقتضى البيع وحكمه، وهو ملك المشتري للمبيع على سبيل الاستقرار والدوام، وفي هذا الشرط منفعة للبائع ولم يرد دليل معين يدل على جوازه فيكون شرطًا فاسدًا يفسد البيع باشتراطه فيه.