للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الشرح الكبير: (وإن شرط البيع إن هو باع، فالبائع أحق به بالثمن، فروى المروزي عنه أنه قال في معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا شرطان في بيع)) يعني أنه فاسد، لأنه شرط أن يبيعه إياه. وأن يعطيه بالثمن الأول، فهما شرطان في بيع نهي عنهما، ولأنه ينافي مقتضى العقد، لأنه شرط أن لا يبيعه لغيره إذا أعطاه ثمنه، فهو كما لو شرط أن لا يبيعه إلا من فلان، أو أن لا يبيعه أصلًا. وروى عنه إسماعيل بن سعيد البيع جائز، لما روي عن ابن مسعود أنه قال: ابتعت من امرأتي زينب الثقفية وشرطت لها إن بعتها فهي لها بالثمن الذي ابتعتها به. فذكرت ذلك لعمر، فقال: لا تقربها لأنه كان فيها شرط واحد للمرأة، ولم يقل عمر في ذلك البيع فاسد. فحمل الحديث على ظاهره وأخذ به. وقد اتفق عمر وابن مسعود على صحته، والقياس يقتضي فساده. ويحتمل أن يحمل كلام أحمد في رواية المروزي على فساد الشرط، وفي رواية إسماعيل بن سعيد على جواز البيع، فيكون البيع صحيحًا والشرط فاسدًا، كما لو اشتراها بشرط أن لا يبيعها، وقول أحمد (لا تقربها) قد روي مثله فيمن اشترط في الأمة أن لا يبيعها ولا يهبها، أو شرط عليه ولاءها، ولا يقربها والبيع جائز، واحتج بحديث عمر (لا تقربها) ولأحد فيها مثنوية. قال القاضي: وهذا على الكراهة لا على التحريم، قال ابن عقيل: عندي أنه إنما منع من الوطء لمكان الخلاف في العقد، لكونه يفسد بفساد الشرط في بعض المذاهب) (١) .

وفي شرح منتهى الإرادات: (ويصح تعليق فسخ غير خلع بشرط كقوله: (بعتك على أن تنقدني الثمن إلى كذا) أو (بعتك على أن ترهنينه أي المبيع بثمنه وإلا تفعل ذلك، فلا بيع بيننا، فينعقد البيع بالقبول، وينفسخ إن لم يفعل، أي ينقده الثمن إلى الوقت المعين أو يرهنه المبيع بثمنه لوجود شرطه، ومثله لو باعه بثمن وأقبضه له وشرط إن رده بائع إلى وقت كذا فلا بيع بينهما، ولم يكن حيلة ليربح في قرض) (٢) .


(١) الشرح الكبير مع المغني، لشمس الدين ابن قدامة: ٤/٢١٢، طبع بيروت.
(٢) شرح منتهى الإرادات المسمى دقائق أولي النهى بشرح المنتهى للفقيه منصور بن يونس البهوتي: ٢/١٦٣، طبع دار الفكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>