للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحور الأخير: هل ينتفع الاقتصاد من بيع الوفاء:

للجواب عن هذا التساؤل نقول إن الاقتصاد نوعان نوع حر لا يخضع في معادلاته إلا لقيود قليلة لا مفعول لها سلبيًّا عن اتساع دائرته وأهم شيء فيه هو عدم تحريمه للربا وحتى إذا أقلقه أمره حينًا فإنه يحد من ارتفاعه فيرضى رب المال والمستهلك. وهذا موضوع نتجنب الخوض فيه إذ لا ناقة لنا في ساحته ولا جمل.

والظاهر أن هذا النوع من الاقتصاد في غير حاجة إلى تقنين بيع الوفاء والتعلق بأهدابه وامتطائه وصولًا إلى المرابيح والفوائد.

أما إذا راجعنا اقتصادنا الإسلامي وهو نوع آخر له طرقه وأخلاقياته وأساليبه وقيوده وشروطه وحدوده فإننا سوف نخضع إلى قواعدنا الإسلامية العامة ومقاصد شريعتنا السمحة التي لا تقبل التغيير والتبديل لانبنائها على أسس ثابتة متينة تصلح لكل زمن (والله سبحانه حد حدودًا فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها) .

والقرآن دستورنا وأساس نظام حياتنا الذي نبني عليه كل الأحكام التفصيلية التي جاءت بها قواعده العامة.

ولا بد حينئذ من نبذ كل ما يخالف أحكامه ونصوصه الواضحة بصرف النظر عن المنافع والمرابيح التي تهز الأسواق وتضفي عليها لونًا من الازدهار يعم طائفة ويقضي على غيرها والقرآن حرم الخمر رغم منافعها الاقتصادية وانتفاع جماعة من أرباحها المالية (وحق يضر خير من باطل يسر) . والأمر بعد ذلك موكول إلى الاجتهاد الصحيح الصادر عن رجال العلم والفقه.

فمن قرأ الكتب المعتمدة وتفقه وفهم معاني ذلك وعرف الأحوال التي بنيت عليها مسائلها من الكتاب والسنة وأحكم وجهة النظر ولم يخف عليه ناسخ القرآن من منسوخه ولا سقيم السنة من صحيحها إذا نظر فيها وكان معه من اللسان ما يفهم به معنى الخطاب جاز له أن يفتي دون حيل ولا خزعبلات فيما ينزل ويحدث من القضايا التي لا نص فيها. والله الموفق للصواب.

محمود شمام

عفى عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>