الحمد لله، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
موضوع هذه الجلسة الصباحية هو ((بيع الوفاء)) العارض هو فضيلة الشيخ خليل الميس والمقرر الشيخ مجاهد الإسلام القاسمي.
الشيخ خليل محيي الدين الميس:
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على النبي المصطفى رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد.
بين يدي البحث هنالك ملاحظة: إن أي مسألة لم يضع لها الأئمة الأعلام عنوانًا حار بها من بعدهم، واختلفوا فيها أيما اختلاف وإنها لحكمة، هذه الحكمة أن الله سبحانه وتعالى قد منَّ على هذه الأمة بعد سلفها الصالح بمجموعة خيرة أطَّرت الفقه الإسلامي تحت عناوين ونهل من هذا المنهل من جرى على منهج أولئك الأئمة الأعلام.
ومن الأدلة على ما نحن بصدده ما يوصف بـ ((بيع الوفاء)) ، ومن العنوان أمر عجب وهل هنالك بيع بدون وفاء؟ إنه عنوان عجيب! وكأنهم أخذوا من آخره لأوله ومن أوله لآخره، ومن هنا أقول أيضًا بين يدي البحث كيف تستجد المسائل؟ وكيف تحصل الواقعات والنوازل؟ نعم، لنتأمل الأرض التي نبت فوقها هذا العنوان، قالوا: إنها بخارى وسمرقند وبلخ، يا ترى لماذا؟ قالوا: شحت النفوس وضنت ولا بد أن يأكل المسلمون أموالهم بينهم بالحق ولا يأكلوها بالباطل. ولما بعُدَ الحق التمسوا طرقًا كي يصلوا إلى الحق ولكنها لم تكن طرقًا معبدة، وهذا واحد منها. إنه ((بيع الوفاء)) الذي يعتبر من العقود المستحدثة بعد استقرار المذاهب، نعم لم يكن له وجود في عهد السلف الصالح، ولكن باستشراء الفساد واختلال المروءات ظهر في الناس هذا النمط من التعامل، قالوا: حدث في أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس الهجري إلا ما ذُكِرَ أو ورد عن أبي جعفر الباقر - رضي الله تعالى عنه - في كتب المذهب المعتمدة، وبعبارة أخرى نقول: إن هذه المسألة من النوازل أو الواقعات، ولذلك تعددت الأقوال في تعريفه كما اختلفت أقوال الفقهاء في تصنيفه. ومما لا خلاف عليه أنه عقد مركب من عقدين يتنازعه كل من الرهن والبيع على حد سواء، وعلى خلاف في صحته أو فساده لذلك دار بينهما وكأنه كالتنازع في علم النحو والصرف.