للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ عبد الله محفوظ بن بيه:

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، اللهم صل وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.

سأجمل تدخلي في نقاط - إن شاء الله - مختصرة كالعادة، تعليقًا على ما سمعناه اليوم. هذه النقاط هي:

أولًا: إن هذا العقد يستند إلى الضرورة، وهذه كلمة مجملة في أذهان الناس، إلا أنها معروفة عند الفقهاء. ما هي الضرورة؟ الناس يطلقون كلمة ((الضرورة)) على عواهنها. والضرورة الفقهية التي تبيح المحرم هي الأمر الذي إذا لم يتناوله المضطر أو يأته المضطر هلك أو قارب على الهلاك، هذا هو التعريف الذي ذكره العلماء للضرورة، وهذا البيع أجازه من أجازه بناء على تنزيل الحاجة منزلة الضرورة، لم يقولوا الضرورة وإنما قالوا الحاجة، وهو أمر مختلف فيه. السيوطي ذكر أن الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة، وذكر ذلك ابن نجيم أيضًا. ولكن من الغريب أن السيوطي قبلها بورقة واحدة قال: إن الحاجة لا تبيح حرامًا ولا تسقط واجبًا، عندما تكلم عن الضرورة والحاجة وقسم إلى ضرورة وحاجة ومنفعة وزينة فقال: إن الضرورة فقط هي التي تجيز المحرمات ((تبيح المحرمات)) كيف تبيح الضرورة المحرم عند الفقهاء؟ هي إباحة مؤقتة بمعنى أنها من باب الرخص، والرخصة هي حكم غير إلى سهولة لعذر مع قيام علة الأصل. وأعتقد أن الخلط الذي وقع عند الناس هو خلط بين الضروري عند الأصوليين وبين الضرورة عند الفقهاء، وهذا خلط عجيب، وبين الحاجي عند الأصوليين وبين الحاجة عند الفقهاء، الضروري أو الحاجي عند الأصوليين، عند من يقول بترتيب حكم على الحاجي فإنه يرتب حكمًا وآثارًا حيث لا مؤثر، أي حيث لا يوجد نص شرعي، ولا عموم شرعي، يترتب هنا أثر حيث لا مؤثر، والأثر الذي يرتبه هو أثر باق وليس أثرًا منتقلًا، بينما الضرورة عند الفقهاء ترتب أثرًا مؤقتًا وليس باقيًا، يجب أن نكون دقيقين في تحديد هذه المفاهيم.

مسألة أن الحاجة تنزل منزلة الضرورة ذكره جملة من علماء القواعد، ولعل أول من ذكر ذلك إمام الحرمين، لعل إمام الحرمين أول من ذكر هذه المسألة، ولكن عند الرجوع إلى نصوص الشافعي نجد أن الشافعي يقول: إن الحاجة لا تبيح محرمًا وإنما الضرورة فقط، لا أدري، هذا الاختلاف هو اختلاف لغوي، يعني في كلمة حاجة. المهم أن هذه القضية هي من باب الحاجة وليست من باب الضرورة وحينئذ فإنه لا يمكن أن نطلق هذه الكلمة فيجب أن نكون دقيقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>