للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: هي قاعدة الألفاظ والمعاني، هذه القاعدة الأمر فيها واضح جدًّا، هو أن جماعة من العلماء قالوا بالمعاني من هؤلاء مالك وأحمد بصفة واضحة، وجماعة قالوا بالألفاظ والمباني من هؤلاء الشافعي وأبو حنيفة إلى حد ما، وهذا واضح جدًّا، لا يمكن إنكاره، لا يمكن أن ننكر أن الشافعي يبيح العينة، يبيحها هذا لا خلاف فيه، المهم أمره واضح في هذه المسألة، وكثير من العقود، المغني مثلًا: يذكر عن الشافعي أنه لا يبطل عقد البيع إذا باع العنب لمن يعصره خمرًا، إن هذا العقد ليس باطلًا عند الشافعي بل هو عقد صحيح، بينما مالك وأحمد يبطلان العقد. إذن هذه المسألة مسألة واضحة، والرجوع إليها أو محاولة القول إن الشافعي يوافق الإمام أحمد ومالكًا هو مخالف ومناقض تمامًا ومنابذ لأصول الشافعية وهي واضحة في العقود، في النكاح، في البيع، في سائر العقود نجد أن الشافعي يتمسك بالألفاظ وأصل مذهبه هو التمسك بالألفاظ ولا يهتم بالمعاني إلا نادرًا.

ثالثًا: المواعدة ذكر بعضهم أنها عند الأحناف - ذكرها أعتقد الشيخ تقي حفظه الله تعالى - ذكر أن الأحناف يقولون بالمواعدة بعد البيع، إذا كان هذا هو المذهب الحنفي فهو مشهور مذهب مالك، ذكر ذلك البناني على الزرقاني وقال: إنه إذا وعده بألا يبيعها إلا له إذا أتى الثمن - هذا الوعد بالإقالة - فإنه لازم قضاء. بإمكانه إذا جاء ووجده يريد أن يبيعها أن يوقفه حتى ينتهي الأجل وحتى يكون في زمن قريب. إذن هذا في المذهب المالكي أيضًا.

رابعًا: مسألة الشروط، إذا كان الشرط يَكرُّ على الماهية بالبطلان فهو شرط مبطل للعقد، وحتى عند أولئك كالمالكية الذين فصلوا بين الشرط المنافي الذي ينافي العقد وبين الشرط الذي يقتضيه العقد وبين شرط لا ينافي العقد منافاة كاملة فصلوا في الشروط بحسب الأحاديث التي بنى العلماء عليها الشروط. يقول ابن رشد: إن مالكًا اهتدى إلى التفصيل هو الذي فهم هذه الأحاديث ورد كل واحد منها إلى الموقع أو إلى مكانه المناسب له.

الشرط إذا كان يكر على الماهية بالبطلان فإنه يبطل العقد وهذا الشرط هو ثنيا، هو الذي فسر به مالك ثنيا الشرط المقارن الذي في أصل عقده، هو الذي فسر به مالك الثنيا التي وردت في الحديث ((نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الثنيا)) ، وهو يكر على الأصل بالبطلان لماذا؟ لأن البيع أصله ملك للذات يتصرف فيها صاحبها بما شاء من بيع وهبة وبصفة عامة بجميع أوجه التفويت، فإذا منعناه من أن يفوت المبيع فإن البيع حينئذ أصبح كالإجارة أو أصبح كالعارية، وهنا انتقل عن حقيقة البيع إلى حقيقة أخرى، وبها لا نعرف أن الشرط هنا كر على الماهية بالبطلان.

خامسًا: بيع الوفاء هذا هو بيع مركب تركيبة ممنوعة من كل وجه فلا تصححه من وجه إلا وجدت أنه باطل من الوجه الآخر، يعني لا يوجد وجه يصح عليه وهذا بعيد عن بيع الاستصناع حقيقة لأن هذا البيع هو متردد بين بيع وسلف ((قرض)) لأن الذي ينتفع بهذه العين كأنه أقرض تلك الدراهم أو الدنانير لينتفع بالعين ثم إذا ردت إليه رد العين، فهو من هذا الوجه بيع وسلف، ثم إنه بين البيع الصحيح والبيع الفاسد كما يقول السيوطي: فهو بيع يمكن أن يبقى عند صاحبه فيكون صحيحًا، ويمكن ألا يبقى فيكون فاسدًا، هو أيضًا متردد بين البيع وبين الرهن، وهو رهن منتفع به على خلاف سنة الرهن، إذن بيع مركب تركيبة عجيبة لا تدع مناصًا ولا تترك منفذًا لتحليله بهذه الأوجه ولأجل ذلك فإنى أقول: إنه بيع مخالف لسنن العقود وإنه بيع باطل، وأرجو أن يقرر المجمع ذلك. وشكرًا. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>