يقول الشيخ التسخيري: إنه عقد عرفي يشمله قوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المائدة: ١] وكأنه يشير إلى قاعدة ((أن الأصل في الشروط والعقود الجواز)) ولكن لا بد من الاستثناء، هذا إذا لم يرد نص بالمنع، وقد رأينا أدلة كثيرة على المنع وإن كانت بعضها قد يكون محلًّا للأخذ والرد ولكن في رأيي أنه كونه سلفًا جر منفعة لا يمكن دفعه.
بعد هذا، أريد أن أتطرق إلى مسألة، وإن كان الدكتور الجناحي قد تحدث عنها كثيرًا وبين الرأي فيها لكنها مسألة خطيرة مادامت قد أثيرت، وأبين لكم فيها وهي مسألة تعامل البنوك الإسلامية مع البنوك الربوية، هذه المسألة طرحت على هيئة الرقابة الشرعية عندما أنشىء بنك فيصل الإسلامي قبل أكثر من عشر سنين، وأول ما طرح عليه كيف نتعامل مع البنوك الخارجية وهي بنوك ربوية ونحن في حاجة للتعامل معها لا نستطيع أن نستغني عن ذلك، وهي تدفع فوائد على الأموال التي توضع عندها وتأخذ فوائد على الأموال التي تدفعها إذا انكشف حساب صاحب الحساب؟ فقلنا لهم: لا سبيل إلى إجازة هذا، لكن يمكنكم أن تتصلوا بهذه البنوك وتتفقوا معها على أن حسابكم الذي يوضع في بنكهم لا تطلبون منهم فائدة عليه وإذا حصل وانكشف هذا الحساب ودفعوا لكم من حسابهم لا يطالبونكم بفائدة، وحصل هذا الاتصال واستجابت البنوك الربوية إلى هذا، وهذا ما يسير عليه العمل، وهذا أيضًا كان مقيدًا بأنه أي بلد فيه بنك إسلامي لا يضع بنك فيصل ماله إلا في هذا البنك الإسلامي. فهو لا يضعه أولًا في البنك الربوي إلا إذا كانت هناك حاجة حقيقية لوضعه فيه وبهذه القيود. وشكرًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الدكتور عبد السلام داود العبادي:
بسم الله الرحمن الرحيم.
لا أريد في الواقع أن أدخل فيما أثير من قضايا فقهية وتفصيلات، إنما أريد أن أرجع إلى أصل طرح هذا الموضوع على مجلس المجمع، ليس هدف المجمع في الواقع أن نعود إلى ما تقرر من صيغ فقهية لنقومها ونرجح تلك على تلك، أصل الطرح هو هل يمكن الاستفادة من هذا العقد في مجال المعاملات المصرفية الإسلامية المعاصرة؟. الإخوة الخبراء في هذا المجال أفادونا بالدليل ونحن نتابع ذلك أن هذا في الواقع سيدمر وسيكون ضربة قاضية للعملية من حيث هي فلذلك - يعني - أصبحت القضية واضحة أمامنا، يعني هذا الموضوع ما دام أنه يسيء إلى هذا البناء الكبير الذي تتابعت لبناته لبنة إثر لبنة وجهد كبير ويفسد البناء من أساسه ويفتح مجالات واسعة للتعامل الربوي مع ما ورد من استدلالات قوية في أصل التحريم وتردد كبير حتى عند أئمة الحنفية في إجازته. فلذلك أنا أقترح على مجلس المجمع ما دام أن ما قصدناه لا يتحقق، فنكتفي بهذا النقاش وننتهي إلى هذا الحكم.