وروت أم سلمة رضي الله عنها هذه الحادثة بتفصيل أوسع قالت:(بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرضه في بيت ميمونة، وكان كلما خف عليه خرج وصلى بالناس، وكان كلما وجد ثقلًا قال: مروا أبا بكر فليصل بالناس، واشتد شكواه حتى غمر (أي أغمي عليه) من شدة الوجع، فاجتمع عنده نساؤه وعمه العباس (رضي الله عنهم) وأم الفضل بنت الحارث وأسماء بنت عميس فتشاوروا في لده حين أغمي، فلدوه وهو مغمور، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم حفلًا لما أفاق. قال: من فعل هذا بي؟ هذا عمل نساء من هاهنا، وأشار بيده إلى أرض الحبشة وكانت أم سلمة وأسماء هما لدتاه، فقالوا: يا رسول الله خشينا أن تكون بك ذات الجنب، قال: فبم لددتموني؟ قالوا: بالعود الهندي وشيء من ورس وقطرات من زيت. قال: ما كان الله ليعذبني بذلك الداء ثم قال: عزمت عليكم: لا يبقى في البيت أحد إلا لد، إلا عمي العباس) .
قال علاء الدين الكحال ابن طرخان في كتاب الأحكام النبوية في الصناعة الطبية:(قال عبد الرحمن: ولدت ميمونة في ذلك اليوم وكانت صائمة، بقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن عباس رضي الله عنهما: فجعل بعضهم يلد بعضًا. وكانت أم سلمة تقول: لددت أسماء بنت عميس ولدتني، وكانتا هما اللتان أمرتا بلده، ولدت ميمونة زينب بنت جحش، ولدت زينب ميمونة، ولدت عائشة صفية بنت حيي، ولدت صفية عائشة، رضي الله عنهم أجمعين) .
(قال القاضي عياض في تفسير ذلك: (فيه معاقبة الجاني، والقصاص بمثل ما فعل) . وقال بعض أهل العلم: فيه تعزير المتعدي بنحو فعله إلا أن يكون فعلًا محرمًا. وفيه أن الإشارة المفهمة (حيث أشار النبي أن لا تلدوني) كصريح العبارة في نحو هذه المسألة والله أعلم) .