وهذا كله يوضح أن إذن المريض البالغ العاقل ضروري لإجراء أمر التداوي فإذا صرح المريض أو أشار أنه يرفض نوعًا من أنواع التداوي فله الحق في ذلك ويكون إجباره على التداوى تعديًا. ويعاقب المتعدي تعزيرًا بمثل ما فعل كما ذكر ذلك الكحال ابن طرخان إلا أن يكون ذلك الفعل محرمًا كأن سقي المريض خمرًا وهو مغمور فلا يسقى الفاعل ذلك. بل يعزر ويعاقب عقوبة رادعة. وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم صراحة عن التداوي بما حرم الله. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم)) [أخرجه البخاري] . وأخرج أبو داود أنه قال:((إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تتداووا بحرام)) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدواء الخبيث)[أخرجه أبو داود] . وعن طارق بن سويد الحضرمي قال:(قلت: يا رسول الله إن بأرضنا أعنابًا نعتصرها فنشرب منها؟! قال: لا، فراجعته، قلت: إنا نستشفي للمريض. قال: إن ذلك ليس بشفاء ولكنه داء) . [أخرجه مسلم] . وعن طارق الجعفي أنه سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الخمر فنهاه فقال: إنما أصفها للدواء فقال صلى الله عليه وسلم: ((إنه ليس بدواء ولكنه داء)) . [أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي] .
ولا شك أن إجراء عملية أو فحص طبي أو إعطاء المريض دواء دون إذنه يشكل اعتداء على هذا المريض. ولو كان المقصد حسنًا. وما دام المريض قادرًا على اتخاذ القرار فلا يجوز مخالفة أمره أو رغبته ولو كانت بالإشارة المفهومة، كما جاء في الحديث السابق حيث لد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كاره.
مسألة هل يضمن الطبيب؟
هذه المسألة قد بحثها الفقهاء الأجلاء وأصل هذا المبحث ما ورد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((من تطبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن)) [أخرجه أبو داود والنسائي في السنن الصغرى وابن ماجه وأبو نعيم في الطب النبوي والدارقطني كلهم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده] .
قال أبو داود (كتاب السنن باب من تطبب بغير علم) بعد أن أورد الحديث: (أيما طبيب طبب على قوم لا يعرف له تطبب من قبل فأعنت فهو ضامن) .