للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى مسند الإمام أحمد عن عروة بن الزبير عن خالته عائشة الصديقة رضي الله عنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثرت أسقامه فكان يقدم عليه أطباء العرب والعجم فيصفون له فنعالجه.

وفى المسند أيضًا عن أنس مرفوعًا: إن الله حيث خلق الداء خلق الدواء فتداووا.

وقيل: فعل التداوي واجب. زاد بعضهم: إن ظن نفعه.

قال شيخ الإسلام: ليس بواجب عند جماهير الأمة إنما أوجبه طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد.

وأحاديث الأمر بالتداوي للإباحة والإرشاد دون الوجوب كما فيه علة غير واحد.

وحرم الدواء بمحرم أو كان في مفرداته شيء محرم أبو حنيفة ومالك وكذا الشافعي في المسكر (١) .

ثانيًا: أما بالنسبة لمذاهب الفقهاء وأقوالهم فيمن وصل حالة يئس فيها المريض والطبيب من جدوى العلاج.

فقد فرق العلماء بين الصورتين الأولى والثانية المشار إليهما، فبالنسبة لمن أوصله مرضه إلى حالة اليأس فقد قالوا: إن من وصل إلى سكرات الموت وبدت أمارته عليه وتغيرت أنفاسه لا يحكم له بالموت فلا تشرع زوجته في العدة ولا تنتهى عدتها ولو ولدت حينئذ ولا تجب مؤنة تجهيزه ولا يجوز تجهيزه ولا تصح الصلاة عليه ولا يجوز دفنه ولا ينتقل ماله للوراث (٢) .

أما من وصل إلى تلك الحالة بسبب الجناية عليه فقد نص الشافعية على أن من وصل إلى حركة مذبوح بأن لم يبق فيه إبصار ونطق وحركة اختيار بالجناية عليه أعطي حكم الأموات مطلقًا فيجوز تجهيزه ودفنه ويجوز تزوج زوجته حينئذ إذا انقضت عدتها كأن ولدت عقب صيرورته إلى هذه الحالة وأنه لا يرث من مات عقب هذه الحالة وتقسم تركته قبل موته (٣) .

ورتبوا على ذلك أن من اعتدى على حياة الأول يعتبر قاتلًا يجب عليه القصاص وأن من اعتدى على الثاني لا يعتبر قاتلًا، بل يعتبر الأول الذي أوصله إلى هذه الحالة هو القاتل، أما الثاني فيعزر.


(١) غذاء الألباب، للفارسي: ١/٣٩٨.
(٢) منهاج الطالبين: ٤/١٠٣، ١٠٤.
(٣) نهاية المحتاج: ٧/٢٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>