يبدو - والله أعلم - أن هناك بعض الحالات التي يجب فيها التداوي ونضرب لها بعض الأمثلة:
الأول: الأمراض الوبائية المعدية التي ينتقل ضررها إلى الآخرين والتداوي منها ممكن، ويغلب على الظن حصول البرء والشفاء، ومثال ذلك مرض السل الذي يمكن أن يقضي على المريض وينتقل للآخرين، بينما علاجه ممكن وخاصة في المراحل الأولى والمتوسطة، بل يمكن علاج كثيرٍ من الحالات المتقدمة وعلى أقل تقدير يمكن إيقاف المرض عند حده ومنع العدوى، وكذلك الجذام حيث يمكن إيقاف المرض عند حده ومنع العدوى، وهناك العديد من الأمراض التي تفرض الدول والمجتمعات القيود على المصاب بها، وتفرض عليه التداوي ومثالها الدفتريا (الخناق) والتيتانوس (الكزاز) والكوليرا والتيفوئيد والحمى الشوكية وغيرها، وتفرض الدول الغربية وبعض الدول الأخرى وجوب التبليغ عن الأمراض الجنسية التي كانت تسمى الزهرية، وفي هذه الحالات يتم التبليغ عمن اتصل بهم المريض جنسيًّا، وتقوم السلطات الصحية بالاتصال بهؤلاء لمداواتهم، وإذا تركنا جانبًا موضوع الأمراض الجنسية وأن هذه القوانين الغربية تكشف بعض الأسرار الخاصة لغرض الوصول إلى جميع الأفراد الذين اتصل بهم المصاب، ومحاولة مداواتهم ثم معرفة الأفراد الآخرين الذين كانت لهم علاقة جنسية بهؤلاء المصابين حتى تتسع الدائرة، فإننا لا نجد صعوبة في فهم القوانين والمراسيم الخاصة بالأمراض المعدية، والتي تفرض الدول التداوي والتبليغ عنها لوقاية المجتمع بأسره، ويجب التداوي في الحالات للأسباب التالية:
١- أن عدم التداوي في الحالات التي توفر دواؤها هو نوع من الإلقاء بالنفس إلى التهلكة وهو أمر منهي عنه لقوله تعالى {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} . [البقرة: ١٩٥] .
٢- أن الضرر سينتقل إلى الآخرين وخاصة الأهل والمحيطين بالمريض حيث ينتقل الميكروب من المريض إلى السليم المخالط، وقد ورد النهي عن ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم:((لا ضرر ولا ضرار)) ، وبقوله:((لا يورد ممرض على مصح)) .