بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يتبين من خلال المناقشات التي جرت في موضوع (العلاج الطبي) أنها على قسمين، قسم تناولته المناقشات بإفاضة أو باقتضاب، وهو حكم العلاج الطبي، والمريض الميؤوس منه، بحكم إخباره، وعلاج الرجل للمرأة، وعلاج المرأة للرجل، والعلاج بالمحرمات.
وقسم آخر وفيه قضايا مهمة جديدة وجديرة أن يعتني بها المجمع، كالطب التجميلي والتداوي بالروحيات، وحكم التداوي بالرقية من القرآن، أو من غير القرآن إلى غير ذلك من المسائل.
وقد ترون مناسبًا أن تتألف لجنة من أصحاب الفضيلة المشائخ: الشيخ الخليلي، الشيخ عبد الستار، الشيخ عجيل، الشيخ حمزة، والطبيبان البار والصقال، وأن يأخذوا في الاعتبار هذين القالبين:
الأول: ما جرت فيه المناقشة فيستخلصوا ما يمكن الوصول إليه في القرار من خلال ما دار فيها.
والثاني: أن يجعلوا بيانًا في المسائل التي تعطى أولوية النقاش وإعداد البحوث فيها ومناقشتها في دورة أو في دورات لاحقة - إن شاء الله تعالى -.
هذا وإن ما ذكر من أن حكم العلاج فيه أقوال استغرقت أحكام التكليف الخمسة بين التحريم - وهذا قول لا اعتبار له - أو الكراهة أو الوجوب أو الندب أو الإباحة، قد يبدو في هذا وفي حكم إخبار الميؤوس أن هذا مما يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص والأزمان ولكل حالة لبوسها وهذا مما يتقدر بقدره.
وبالنسبة للميؤوس منه فمعلوم أن الأطباء هم مجتهدون كغيرهم ممن يصدر الأحكام، وكالفلكيين الذين يصدرون الأخبار عن ولادة الشهر، والمجتهد معرض للخطأ والصواب، ولهذا طرق الفقهاء ضمان الطبيب على الخطأ، وكونت (لجان خطأ الأطباء) ومنها في المملكة لجنة قضائية في وزارة الصحة لخطأ الطبيب، وأذكر على سبيل المثال قضية مهمة كانت وقعت في إحدى الجهات، وهو أن طبيبًا قرر الأطباء فيه موت جذع المخ، من ثلاث لجان طبية متعاقبة على مستويات عالية، ثم بعد ذلك سأل الأطباء ورثته عن أن يأخذوا بعض أعضائه، فامتنعوا وأخذوا والدهم إلى بيتهم، وجلس قرابة شهر تحت علاجات بدون أجهزة إنعاش، ثم بعد ذلك شفاه الله - سبحانه وتعالى - وكنت على سبيل الصدفة دعيت إلى إلقاء محاضرة في زراعة الكلى - وبهذه المناسبة فاصلة بسيطة، لأنها كثيرًا ما دارت على ألسنة الإخوان: الكلية بضم الكاف وإن شئتم لضبطها هي كخصية، كلاهما بالضم - فقدر أن هذا المسؤول الكبير شفاه الله - سبحانه وتعالى - وأعرف أنه - خبري فيه من مدة عام - أنه لا يزال حيًّا سويًّا. فالطبيب كغيره هو مجتهد والأطباء - كما ذكر الشيخ حمزة - يختلفون في علمهم وفي أمانتهم إلى غير ذلك، فهذه الأمور ينبغي أن تؤخذ بالاعتبار عندما يقرر رأي في هذا وأنهم كغيرهم ممن يجتهد في إصدار الأحكام من الأطباء والقضاة والمفتين إلى غيرهم ممن يصدرون الأحكام الاجتهادية. وبهذا ترفع الجلسة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.