للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلاقات في أثناء السلم:

يرى بعض الفقهاء أن الأصل في العلاقات الدولية هو الحرب أي أن الإسلام ذو نزعة حربية باعتبار أن الجهاد مشروع؛ لأنه طريق الدعوة إلى الإسلام، ما لم يطرأ ما يوجب السلم والأمان، واستندوا إلى قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} (١) .

لأن هذه الآية متضمنة رفع العهود والذمم التي كانت بين النبي والمشركين (٢) .

ولذلك سميت بآية السيف، وإلى قوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٣) ,

وإلى قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (٤) .

ويستفاد من هذه الآيات وغيرها ومما قرره الفقهاء أن الجهاد فرض كفاية على المسلمين لنشر الدعوة ابتداء من غير انتظار لبدء العدو بالحرب لأننا مأمورون بنشر الدعوة وحملها إلى الناس كافة؛ ولأن الجهاد شرعًا هو الدعاء إلى دين الحق وقتال من لم يقبله (٥) .

أو هو بذل الوُسع في القتال في سبيل الله مباشرة أو معاونة بمال أو تكثير سواد أو غير ذلك (٦) .

وقد قرر هؤلاء الفقهاء أن قتال الكفار واجب وإن لم يبدأوا للعمومات (٧) . في الآيات الواردة في قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (٨) .

{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} (٩) .

وقوله عليه الصلاة والسلام: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله)) (١٠) .


(١) سورة التوبة: الآية ٣٦
(٢) أحكام القرآن، للجصاص: ٣/ ١٣٧
(٣) سورة التوبة: الآية ٥
(٤) سورة التوبة: الآية ٢٩
(٥) رد المحتار على الدر المختار: ٣/ ٢٣٦
(٦) شرح الكمال بن الهمام على الهداية: ٥/ ١٨٩
(٧) شرح الهداية، للمرغيناني: ٢/ ١٠٠
(٨) سورة التوبة: الآية ٥
(٩) سورة البقرة الآية: ١٩٣
(١٠) شروح الهداية: ٥/ ١٨٧، وروى الحديث البخاري ومسلم، وراجع السياسة الشرعية، لعبد الوهاب خلاف: ص ٦٣ ـ ٦٦؛ ومبادئ نظام الحكم في الإسلام، لعبد الحميد متولي: ص ٧٢٨. والحديث صحيح رواه البخاري وأصحاب السنن

<<  <  ج: ص:  >  >>