للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من تاريخ القانون الدولي في التشريعات الوضعية:

يجدر بنا قبل الحديث عن أصول القانون الدولي بقسميه الإشارة إلى طرف من تاريخ هذا القانون، وكيف تطور عبر التاريخ حتى وصل إلى ما وصل إليه في العصر الحديث.

مما لا جدال فيه أن الدول تقوم بينها علاقات مختلفة منذ أقدم العصور وأن هذه العلاقات كانت تخضع لبعض القواعد والضوابط بصرف النظر عن مصدرها، أو عدم الأخذ بها في أغلب الأحيان.

وقد سجل التاريخ في عهد الفراعنة معاهدة صلح بين رمسيس الثاني فرعون مصر، وبين أمير الحيثيين في أسيا الصغرى بعد حرب طاحنة بين الدولتين، ويمكن أن تكون شروط هذه المعاهدة أقدم ما عرف من القواعد الدولية التي أخذت بها الدول في بعض علاقاتها (١) .

ولم تعرف أوروبا حتى نهاية القرن الخامس عشر الميلادي قانونًا دوليًّا ينظم العلاقات بين الدول، وذلك أن الحاجة إلى هذا القانون لم تظهر إلا بعد انهيار الإمبراطورية الجرمانية الرومانية، وانتهائها بوفاة آخر أباطرتها فردريك الثالث سنة ١٤٩٣م، فقد تفرقت أوروبا بعد انتهاء هذه الإمبراطورية التي ظلت زهاء خمسمائة عام إلى دول كثيرة مستقلة، وقامت بين هذه الدول الناشئة علاقات وخلافات متباينة بسبب الحدود والحروب، ومن ثم ظهرت الحاجة ملحة إلى قانون دولي ينظم هذه العلاقات.

واتجه العلماء نحو القانون الروماني يستوحونه، ونشأت حركة علمية ـ شجعتها ملابسات عصر النهضة وحركة الإصلاح الديني ـ غرضها بيان ما يجب على الدول وعلى رؤسائها اتباعه من قواعد في شأن قيام العلاقات بينهم، وتزعم هذه الحركة الرعيل الأول من علماء القانون الدولي (٢) ، ويذكر في مقدمة هؤلاء ميكافيلي الإيطالي، وجرتيوس الهولندي، لأثرهما الكبير في تطور القانون الدولي الوضعي.


(١) انظر نصوص المعاهدة في كتاب "مصر القديمة" للدكتور سليم حسن: ص ٢٨٧، طبعة القاهرة
(٢) أصول القانون الدولي، للدكتور حامد سلطان، وعبد الله العريان: ص ٢٣، طبعة القاهرة

<<  <  ج: ص:  >  >>