للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خاتمة

وأخيرًا ما أهم ما انتهت إليه هذه الدراسة الموجزة من نتائج، وماذا ترشد إليه من توجيهات؟

إن أهم هذه النتائج ما يلي:

١ ـ إذا الإنسان في تفكيره ما لم يكن محكومًا بتشريع إلهي يسدد خطاه فإنه يزل ويضل، ولا يكون لما يصل إليه من آراء ـ وإن جاءت صحيحة ـ جدوى في مجال التطبيق العملي.

٢ ـ وهذا بيّن في مجال الفكر القانوني الدولي، فقد تعثر هذا الفكر عبر رحلته التاريخية الطويلة؛ لأنه فقد الغاية المقدسة، ولهذا لم ينته إلى تشريع يدرأ الظلم، ويحمي العدل، ويحقق الأمن والرخاء، وما زالت البشرية حتى الآن تعيش في دياجير القلق والاضطراب والأطماع الدولية المختلفة.

٣ ـ إن الإسلام ـ وهو منهج إلهي متكامل ـ جاء بالتشريعات في كل المجالات، وهذه التشريعات دون سواها تصون الحياة من عبث الطغاة وترسي دعائم السلام على أسس من الأخوة والمساواة، وستظل البشرية تعاني مما تعاني منه ما لم تعتصم تلك التشريعات وتستجيب لحكم الله في كل شيء {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (١) .

٤ ـ إذا كان الأوروبيون يعدون جروتيوس الهولندي مؤسس القانون الدولي فإن هذا خطأ علمي تاريخي؛ لأن الإمام محمد بن الحسن الشيباني وقد سبق جروتيوس بأكثر من ثمانمائة عام قد كتب في القانون الدولي الإسلامي في تفصيل وشمول لم يسبق به، ومن ثم يعد هذا الإمام مؤسسًا للقانون الدولي في العالم كله.

على أن هناك من الباحثين (٢) من يرى أن جيروتيوس قرأ ما كتبه الشيباني في كتابه "السير الصغير" و "السير الكبير" ونقل منهما ما عزاه إلى نفسه.


(١) سورة المائدة: الآية ٥٠
(٢) انظر مجلة منبر الإسلام ربيع الآخر سنة ١٣٨٦: ص ٥

<<  <  ج: ص:  >  >>