للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعًا: إن أصول العلاقات الدولية في الإسلام تعرف ما يسمى اليوم بشخصية القانون، فغير المسلم في دار الإسلام يلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية في المعاملات والحدود دون غيرها مما يتصل بعقيدته الدينية فلا يخضع فيها لأحكام الإسلام وهذا باب الحرية الدينية التي كفلها الإسلام للجميع.

ويتحدث فقهاء القانون الدولي الخاص عن وجوب مراعاة شخصية القانون في بعض الحالات، ولكن الدول حتى الآن لم تتفق على وجوب هذا، وقد استغلت الدول الاستعمارية نظرية شخصية القانون فتحولت إلى امتيازات باسم القانون تسلب الدولة سيادتها وكرامتها كما حدث في عهد الاحتلال الإنجليزي بمصر.

خامسًا: سبق الإسلام القانون الدولي في تقريره لأصول العلاقات الدولية فما عرفت البشرية هذا القانون إلا حديثًا، وإن كانت له بعض الجذور القديمة، بيد أنها لا تمثل في الواقع تفكيرًا قانونيًّا صحيحًا.

لقد ظهر الإسلام والناس فوضى لا يحتكمون إلى قانون، وكانت في وقت ظهور الإسلام ـ وبقيت بعده فترة طويلة ـ تعيش في ظلمات الفكر والتشريعات والسياسة فكان الإسلام المنهج الإلهي الذي أعاد للبشرية كرامتها وحريتها وأمنها واستقرارها وسعادتها في الدارين.

ومن هذه الموازنة الموجزة يبدو الفارق جليًّا بين تشريع الله وقانون البشر، وأن هذا التشريع دون سواه هو الصراط المستقيم للناس في كل زمان ومكان، وأنهم إن حادوا عنه ضلوا طريق الحياة الإنسانية واكتنفتهم الأخطار من كل جانب، وعاشوا في صراع نفسي ومادي يسلبهم السلام والأمن: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (١) .


(١) سورة الأنعام: الآية ١٥٣

<<  <  ج: ص:  >  >>