للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضمانات الإسلام لتحقيق السلام:

وليجعل الإسلام مفهوم السلام واقعًا يعيشه الناس ويجنون ثماره ويستمتعون من وضع الإسلام أمام الناس بمجموعة من التدابير والضمانات التي تكفل تحقيق السلام في حياة الناس، ويمكن أن نقسم هذه الضمانات والتدابير إلى قسمين:

الأول: ضمانات نفسية.

الثاني: معالجة الصراع إذا وقع بين البشر معالجة موضوعية.

فأما الضمانات النفسية فقد بسط القرآن الكريم أمام الناس قصة الصراع بين ابني آدم لتجنب الأسباب التي أدت إليه، فحكى لنا القرآن الكريم ما حدث بين ابني آدم حيث تفوق أحدهما بتقواه وحظي بقبول عمله، وأما الآخر فبدلًا من أن يشغل نفسه بإصلاح شأنها ليقبل عمله مثل أخيه شغل نفسه بالحقد عليه، والحسد له، وتهديده بالقتل، وطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله، ويبصرنا القرآن الكريم بأثر هذا الصنيع من الندم الذي أصاب القاتل، والمظلمة الشديدة التي وقع فيها بهذه الخبائث النفسية وبتزيين الشيطان للإنسان عمل السوء ومقارفة المظالم، كما يضع الناس بعد هذه القصة أمام القاعدة المستخلصة منها في أن من قتل نفسًا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا، قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أحدهما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ فَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أو فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} . (١)


(١) سورة المائدة: الآيات ٢٧ – ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>