للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعتقد أن معظم الأبحاث قد توجهت إلى معالجة هذا الموضوع من خلال التراث، من خلال ما هو موجود في النظام الإسلامي حول الحقوق الدولية أو العلاقات الدولية في الإسلام. وأعتقد ـ كما أنت أعلم ـ أن هذا الموضوع يمثل أنصع نقطة في نظامنا الإسلامي ذلك أن الإسلام شهد مرحلة حياة مزدهرة أدت إلى وجود نظام للعلاقات الدولية يمكن لنا نحن المسلمين أن نفتخر به وأن نقول إننا نملك النظام الأمثل في هذه العلاقات. والصور الكثيرة في التاريخ الإسلامي التي تدل على نصاعة وقوة وعظمة هذا النظام أنتم أعلم بها ولا أريد أن أشوش وقتكم أو آخذ من وقتكم في ذكرها، لكن المشكلة هي أن هذا النظام ظل طوال الوقت رهين مجتمعاتنا الإسلامية وحتى إن تناولته ندواتنا أو مجامعنا أو مؤسساتنا فإنما تتناوله من خلال تقديم ورقات تحاول أن تعيد ما اشتملت عليه الكتب والندوات والأبحاث من علوم ومعارف تفسر هذا النظام ولكن المشكلة لم نتوجه بهذا التراث الناصع الجيد، وبهذا النظام القوي إلى الغرب، لم نحاول أن نترجم ما عندنا ليفهم الغرب ما هو موجود في النظام الإسلامي. وهنا أود أن أشير إلى نقطة اختلف معها مع الدكتور طه جابر العلواني في المعرفة الإسلامية للغرب صحيح أن الغرب يعرف الإسلام أكثر من المسلمين أنفسهم، ولكن هناك مستويين من المعرفة: المستوى الرسمي والمستوى الشعبي، أم المستوى الرسمي فقد سخرت له كل الظروف وكل الإمكانيات من أجل معرفة أشياء دقيقة قد لا تتصورون أن يكون هناك البحث فيها خاصة إذا جئنا للتوجهات البحثية عند النظام الصهيوني لو كشف لنا ما عندهم من توجهات بحثية لرأينا عجبًا أن هناك قضايا دقيقة وجزئية يبحثها هؤلاء حول الإسلام ولا نعير لها اهتمامًا. أما المستوى الآخر من المعرفة الغربية للإسلام وهو المستوى الشعبي فأنا أؤكد وأعتقد جازمًا أن الغرب في مستوياته الشعبية لا يعرف عن الإسلام إلا كل شرٍّ؛ لأن الآلة الإعلامية الغربية قد سخرت لتقديم المسلم في صور متعددة أنتم أعلم بها، ولو وجد إعلام إسلامي بمعنى الكلمة لاستطاع أن يقنع الغربيين في مستوياتهم الشعبية بما هو الإسلام؟ ما هي عظمة الإسلام؟ وفي هذا الإطار يحضرني مثال واحد. فيلم واحد عن جهاد شيخ مجاهد من مجاهدي الإسلام شد أنظار الغربيين لأشهر متعددة وهم يتدافعون حول دول العرض من أجل مشاهدة هذا الفيلم وأثره حتى في أطفالهم، فماذا لو نحن امتلكنا آلة إعلامية غربية تحاول أن تقدم كتابًا أو فيلمًا عن نظام الحقوق في الإسلام، الحقوق الدولية في الإسلام ما هي؟ حقوق الفرد، حقوق المجتمع، حقوق الدولة ما هي؟ الغرب يجهل كل شيء في مستوياته الشعبية. أما المستوى الرسمي فهم صحيح أنهم يعلمون كل شيء. وفي هذا المجال أود أن يقترح على المجمع أن يتبنى فكرة ترجمة كتاب عن الحقوق الدولية في الإسلام، عن حقوق الفرد، عن حقوق المجتمع، عن حقوق الدول في الإسلام وفي تعاملها وفي هذا الإطار أيضًا أرجو أن يتوجه المجمع لنقطة لم تتناولها البحوث على الرغم من أهميتها وهي حقوق الأقليات في النظام الدولي الإسلامي، حقوق الأقليات في المجتمعات الإسلامية تلكم القضية التي أعتقد أنها هي القنبلة الموقوتة التي سيكون محاربة الإسلام من خلالها في الأشهر القريبة القادمة وستعلمون ذلك إن شاء الله، هذه الأقليات ستستخدم ضد الإسلام والمسلمين، وما أحوجنا إلى أن نوجه أنظار العالم إلى أن المجتمع الإسلامي له أمثل النظم في معاملة الأقليات في مجتمعاته الإسلامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>