للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدايات الغزو الثقافي:

بدأت ملامح الغزو الثقافي تظهر بوضوح عقب الاتصال الذي تم بين الإسلام والغرب في الأندلس، فهنالك اطلع الغرب على حقيقة الإسلام فأخذ ينتشر بينهم في أوروبا انتشارًا سريعًا فأراد المستنفذون فيه من حكام ورجال دين أن يوقفوا انتشاره، فندبوا الكثيرين لدراسة الإسلام: دراسة المفتعل للمطاعن والمدعي لها هادفين شرحه إلى قومهم شرحًا منحرفًا وذلك حتى يوقفوا انتشاره الذي أخذ يكتسح أوروبا اكتساحًا يسهل عليه ذلك ما كانت تعيشه أوروبا من اضطهادات من الكنيسة ورجالها ومن الحكام وأعوانهم (١) ، يقول سيرت أرنولد: " ولقد بلغ من تأثير الإسلام في نفوس معظم الذين تحولوا إليه من مسيحي أسبانيا مبلغًا عظيمًا حتى سحرهم بهذه المدنية الباهرة واستهوى أفئدتهم بشعره وفلسفته، وفنه الذي استولى على عقولهم وبهر خيالهم، كما وجدوا في الفروسية العربية الرفعية مجالًا فسيحًا لإظهار بأسهم وما تكشف عنه هذه الفروسية من قصد نبيل وخلق قويم. أضف إلى ذلك أن علوم المسيحيين وأدابهم لا بد أن تكون قد بدت فقيرة ضئيلة إذا ما قيست بعلوم المسلمين وأدابهم التي لا يبعد أن تكون دراستها في حد ذاتها باعثًا على الدخول في دينهم" ويقول أيضا: "ولما كان أشهر رجال الدين قد تأثروا تأثرًا عميقًا من جراء اتصالهم بالمسلمين جاز لنا أن نحكم بأن تأثير الإسلام في مسيحي أوروبا كان عظيمًا وليس أدل على صحة هذا القول من التفكر في عقد ذلك المجمع بمدينة طليطلة سنة ٩٣٦م للبحث في أحسن الوسائل التي تحول دون أن تفسد هذه العلاقات من صفاء الدين المسيحي ونقائه (هكذا‍!!) .

ويقول: " من ذلك نستطيع أن ندرك بسهولة كيف أن عوامل التأثير في الآراء وإقامة الشعائر الإسلامية بالإضافة إلى هذه الجهود الواضحة التي بذلت في سبيل تحول هؤلاء المسيحيين قد

أدت إلى ما هو أكثر من مجرد التقارب والاتصال بل إنها سرعان ما عملت على زيادة الداخلين في الإسلام" (٢)


(١) يراجع في ذلك كتاب الدعوة إلى الإسلام: ص ١١٦، وما بعدها
(٢) الدعوة إلى الإسلام: ص ١٢٣ ـ ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>