قرأت كثيرًا مما كتب في هذا الشأن الخطير مما كتبه الإسلاميون وخصومهم. فما وجدت من انطلق من قاعدة المنهج العلمي الموضوعي المجرد، بل وجدت خطبًا بليغة، وكلمات إنشائية جميلة، وقطعًا أدبية مونقة، ولكن لم أجد العقل المتزن الهادئ الحكيم الذي يعالج الأمور من جميع أطرافها فينصف الطرف الآخر قبل أن ينصف نفسه، فالكل يتصور الطرف الآخر بل ويصوره عدوًّا، ويصور عمله غارة أو إغارة، فلماذا لا نتصوره في مجال النقاش والمناظرة خصمًا كما يقول العلماء على الأقل؟! ولا والله ما وجدت الغارة ولا الإغارة على العالم الإسلامي إلا من المسلمين أنفسهم، ولا فعل أعداؤهم بهم من الغزو الثقافي وغيره قدر ما فعلوا هم بأنفسهم.
صحيح أن هنالك دوائر للاستكبار العالمي تمكر للمسلمين وتكيد لهم، وعلى رأسها اليهودية العالمية والفكر الاستشراقي، ودوائر التبشير وغيرها، ولكن هذه الجراثيم والميكروبات لا تعمل في جسم إنسان حتى يكون فيه قابلية واستعداد لها من ضعف مقاومة أو هزال أو هشاشة وغير ذلك، فإذا كان هنالك من يكيد للمسلمين وهذا حق لا مرية فيه , فإن هؤلاء ما بلغوا ولن يبلغوا من المسلمين ما بلغ المسلمون هم من أنفسهم، ولن يفتك الجرثوم في جسد حتى يكون الجسد مؤهلًا لذلك، مستعدًّا له.