المدخل إلى البحث
التعريف بالغزو الفكري، وشواهد وجوده
في العالم الإسلامي، وخطره، وأهدافه
المطلب الأول: التعريف بالغزو الفكري:
الغزو الفكري هو: "مجموعة من الشبهات والأغاليط مصوغة صياغة علمية متقنة، توجه إلى عقول المسلمين بطرق مختلفة وبأيد شتى، يراد منها تشكيك المسلمين في دينهم وحضارتهم، ورجالاتهم بغية الوصول إلى تسخيرهم لمآرب عدوهم وغاياته".
المطلب الثاني: شواهد وجوده في العالم الإسلامي:
الغزو الفكري ليس جديدا في العالم الإسلامي، بل هو موجود منذ وجد الإسلام، ولكن اشتد أواره بعيد الحروب الصليبية وعلى وجه الخصوص بعد واقعة المنصورة حيث أسر لويس الرابع عشر ثم فدى نفسه ورجع إلى وطنه ,فنصح لرجاله أن يبتعدوا منذ ذلك اليوم عن المواجهة المسلحة وأن يدرسوا الإسلام وأحوال المسلمين ليصلوا إلى ثغرات ينفذون منها إلى هذا الدين وأهله، ومنذ ذلك اليوم ولد الاستشراق وداء التبشير وما يتبع ذلك من الصراع الحضاري الرهيب إلى يومنا هذا.
وشواهد وجود هذا الغزو في العالم الإسلامي لائحة واضحة، وآثاره ظاهرة للعيان تتجلى في محاولاتهم الدائبة لهزيمة المسلم من داخل كيانه بشتى الأساليب والمكر، فهم لا يطمعون في مهاجمة المسلمين بقدر ما يطمعون في تشكيكهم وتأليبهم على دينهم وأمتهم وتاريخهم ليكونوا هم معاول هدم لهذا الدين من الداخل بأيدي أهله.
والذي يدل على نيلهم بعض النجاح في بغيتهم تلك؛ إنهم تواصلوا بأساليبهم الخبيثة الماكرة إلى توظيف عقول بعد غسلها، عقول كانت من قبل يرجى أن تمتلئ بالحق، ملؤوها بالأغاليط والشبهات ثم وظفوها ضد أمتها ودينها وحضارتها من حيث استراحوا هم وربحوا الرهان، وأضحى المسلمون معهم كما قال الشاعر:
لو بغير الماء حلقي شرق كنت كالغصان بالماء اعتصاري
فليس أنكى على الأمة أن تختلس أبناءها، ثم تجندهم ضدها، وتدمرها بأيديهم , وهم عن ذلك غافلون بالأباطيل والمغالطات يخدعون بها أنفسهم وما يشعرون.
المطلب الثالث: خطر الغزو الفكري وأهدافه:
يكمن خطر الغزو الفكري في أنه أسلم عاقبة لمن يستخدمه من الغزو المباشر العسكري أو الاقتصادي، وأقل مؤنة، وأشد نكاية وتأثيرا في المغزو، فهو يستخدم دائما الأسلوب العلمي الهادئ والحوار المفتوح، وإرادة الخير والنهضة بالآخرين، مغالطة وكذبًا وتزويرًا وتزييفًا للحقائق من باب "كلمة حق أريد بها باطل" وذلك من أجل الخديعة والمكر بالمسلمين، لذلك لا يتنبه لهذا الغزو العامة من المثقفين والبسطاء والسذج من الناس، لشدة تلبسه وخفائه ومن هنا يأتي الخطر، ثم هو أي التحدي الثقافي آخر خط للدفاع عن الإسلام والأمة الإسلامية فإذا سقط انتهى كل شيء.
لكن.. ترى؛ ما هي أهداف هذا الغزو الثقافي الخطير؟!
ليس المراد كما يتوهم البعض ويحلو لهم أن يحلقوا في الخيال الشعري، أن يُنَصِّروا المسلمين أو يهودوهم، فذلك قد انتهى زمانه وولى، وكان المراد أن يردوهم عن دينهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا إلى أي شيء من إلحاد أو علمنة أو وجودية أو دهرية أو ما شابه ذلك كي يصبحوا بلا إسلام.
إذن ليست المشكلة أن يزداد النصارى أو اليهود، لا، فهم راضون بما هم فيه، بل المشكلة أن ينقص المسملون ويقل عددهم وتضمحل مقاومتهم، ليضحوا عبيدًا لغيرهم من الأمم القوية بعد أن يرجعوا ضعفاء مزرعة لغيرهم خدمًا للآخرين.
فإذا كان الإسلام يعطي أتباعه معنى السيادة والعزة والكرامة، فلينته الإسلام من المسلمين وبأيدي المسلمين أنفسهم بشتى السبل حتى يصل الأسياد إلى ما يحلمون به من السيطرة والاستعباد والإذلال.