للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب الأول

التيارات المعاصرة

لدى المفكرين الإسلاميين

في مواجهة مشكلة الغزو الفكري

الفصل الأول: التيارات المطروحة في الساحة.

الفصل الثاني: التيار الموضوعي المقترح.

الفصل الأول

التيارات المطروحة في الساحة

ليس موضوع وجود الغزو الفكري وخطره أمرًا متفقًا عليه بين الكتاب والمفكرين المسلمين في هذا العصر، فهذه مسألة تقديرية تخضع لعوامل شتى، فضلًا عن مواجهة المشكلة؛ وسأتكلم عن التيارات الفكرية في هذا الموضوع تلك المطروحة في الساحة ودونك التفصيل:

التيارات المطروحة في الساحة:

هنالك ثلاثة تيارات لدى الكتاب المسلمين في الاعتراف بهذه المشكلة ومواجهتها:

١ ـ التيار الأول: التيار العلماني (١) ؛ وهو المعجب بالفكر الغربي المنذهل به الذي يعمل لتسود مقولات هذا الفكر فيما بين أبناء قومه، فهو إذن يرى في مقولات هذا الفكر بركة وإقبالًا، فلا يرى فيها شيئا يقال له غزو فكري بل هو تلقيح فكري جاء من قوم ذوي حضارة إلى قوم متخلفين، وسبب تخلفهم في زعمهم الدين الذي يسمونه (غيبيات) .

وهؤلاء قوم من أبناء جلدتنا ينتمون إلى العروبة، وبعضهم ينتمي شكليًّا إلى الإسلام، والجدير بالذكر أن كثير منهم من أصحاب الكلمة النافذة في أقوامهم ومن رجال الفكر والقلم!!!

فهؤلاء لا يعترفون بوجود شيء يقال له غزو فكري فضلًا عن معالجته أو مواجهته، لأنهم من أصبحوا دمى في أيدي أرباب الغزو الفكري وأدوات ووسائل، يرون في هذا الغزو ما يراه المريد الصادق من بركات شيخه لا يرى فيها أي غزو، بل يراها يمنًا وبركة وسعدًا، يشرف بها ويتسعد!!!

٢ ـ التيار الثاني: وهو التيار الساذج الأبله؛ الذي يقوم في عقول السوقة والعامة وأشباه العامة، وأنصاف المثقفين وهو الذي يجنح إلى أنه يوجد غزو فكري للمسلمين، ولكنه تافه ولا قيمة له؛ لأنه مجموعة جهالات وأكاذيب سرعان ما يكتشف المسلمون زيفها وعوارها فيبتعدون عنها. ومثل هذه المقولة سببها ضيق أفق هؤلاء وغفلتهم عما يحيط بهم، وعدم تقديرهم حجم خصمهم وقوته، وهؤلاء أقرب الناس لأن يقعوا في براثن هذا الغزو الثقافي الخطير.

٣ ـ التيار الثالث: وهو قريب من التيار الثاني ولكنه مصحوب بكثير من التساهل والتواكل وترك العمل بالأسباب اعتمادًا على قوة الإسلام، فهم يقولون: إنه يوجد غزو فكري ماكر وقوي، ولكن لن يضرنا ما دمنا مع الله، والإسلام دين الله وهو الحق، فلن يؤثر فيه مكر الماكرين، وكيد الكائدين، وغزو الغزاة المارقين!!

والحق أن هؤلاء لن يضرونا بشيء إذا كشفنا أغاليطهم وضلالاتهم، وإلا فلماذا هاجم القرآن الكريم مقولات خصومه، وفندها ورد عليها، فلو كان الأمر كما يقولون لتجاهلها القرآن الكريم وأعرض عنها (٢) .


(١) العلمانية شيء غير العلم، فالعلمانية يقابلها الإيمان، والعلم يقابله الجهل، فالعلمانية في جوهرها هي (توظيف المقولات العلمية المحايدة لتأييد فكر مناهض للدين على وجه العموم وللإسلام على وجه الخصوص) ، ولكنها لا تظهر للناس على هذه الشاكلة من الحقيقة المجردة بل تلبس لبوسًا مخادعًا فيقال عنها من لدن أنصارها (فصل الدين عن الدولة) أي الدين للأفراد فقط وليس للحكم ولا للجماعة
(٢) انظر رد القرآن الكريم على مقولات أهل الكتاب في سورة البقرة، وآل عمران، ورد القرآن الكريم على المنافقين في سورة البقرة والنور والمنافقون وغيرها

<<  <  ج: ص:  >  >>