للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الشبه التي يثيرونها للحيلولة دون تطبيق الشريعة الإسلامية، قولهم إن الإسلام فيه فرق دينية كثيرة، ولكل فرقة منها فقه مستقل عن فقه غيرها، فإذا تقرر تنفيذ الشريعة الإسلامية في قطر ما فَفَقْهُ أية فرقة منها يكون على أساسه القانون؟

فنقول لهم أن هذا الاعتراض الذين يعلقون عليه آمالًا كبيرة في تفريق كلمة المسلمين، وينالون منه بغيتهم في إقصاء الشريعة الإسلامية عن الحياة العامة والخاصة للمسلمين، ليس هو بمعضلة أصلًا كما يظنون؛ لأنه لم يَحُل دون تطبيق الشريعة الإسلامية عبر قرون طويلة وفي أكثر من بلد إسلامي؛ لأن الجهاز الأساسي لقانون الإسلامي الذي يشتمل على ما فرض الله تعالى من الأحكام والقواعد والحدود القطعية لم يزل ولا يزال معترفًا به على صورة واحدة بين جميع فرق المسلمين وطوائفهم، ولم يكن بينهم شيء من الخلاف في ذلك قديمًا وحديثًا، وإنما الخلاف في تبعير الأحكام والمسائل الاجتهادية وقوانين دائرة الإباح وضوابطها وحسب، أما ما يعتبر قانونًا يلزم به الناس فلا بد من أن ينعقد عليه إجماع الأمة أو أغلبيتها ويسلم به جمهور أو تجري به الفتوى من علماء الأمة المعتمدين، أما ما يستخرجه إمام من الأئمة بقياسه واجتهاده أو ما يصدره من فتوى على أساس الاستحسان، فإنه لا يرقى إلى درجة القانون، فعندما يقول العلماء في كتبهم: "هذا ماعليه الفتوى" أو "عليه الجمهور" أو "عليه الإجماع " يقصد منه أن هذا ليس مجرد رأي أو اقتراح فقط، وإنما أصبح جزءًا من القانون لإجماع المسلمين أو اتفاق جمهورهم عليه، فالحكم الشرعي إذا انعقد عليه الإجماع أصبح قانونًا رسميًّا لا يجوز مخالفته في أي زمان ولا مكان، ولا يجوز إعادة النظر فيه، فإن لم ينعقد عليه الإجماع فما ارتأته الغالبية من أهل الحل والعقد من المسلمين في كل بلد يعد قانونًا لذلك البلد، ويكفينا أن يكون ما يحتكم إليه المسلمون في بلد إسلامي مصدره الشريعة الإسلامية وقواعدها العامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>