للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيهما: أنهم لا يهمهم أمر الأبرياء والمظلومين الذين وقعوا ضحايا لهؤلاء المجرمين، بينما يظهرون شفقتهم على هؤلاء المجرمين ويتأملون لما ينالهم من عقاب شرعي يستحقونه، فهذا منتهى الوقاحة ومنتهى الضلال؛ لأنهم يقولون: إن الرجم عقوبة تتسم بالوحشية , ولكنهم يغضون الطرف عما يقوم به الزاني من إشاعة الفاحشة في المجتمع وإلحاق العار بالأسر الكريمة , وتدمير مستقبل البنات بحيث يقضين كل حياتهن في شقاء لا يتقدم لهن أي إنسان شريف، أضف إلى ذلك تفشي الأمراض الفتاكة في المجتمع بما فيها الأمراض المستعصية على الطب الحديث والقديم، وهي الأمراض التي تهدد بقاء جنس الإنسان على هذا الكوكب الأرضي، وما أمر "السيدا" أو " الأيدز " بخاف على أحد. وكذلك اختلاط الأنساب بحيث يقضي الإنسان كل عمره ينفق على ولد يظن أنه ولده، يعالجه إذا مرض ويسعى جاهدًا من أجل تعليمه وتربيته، ويسعى من أجل إسعاده وتأمين مستقبل سعيد له، فإذا هو في حقيقة الأمر ليس ولده، ألا يستحق كل من تسبب بهذه الجرائم عقوبة تكون جزاء له وتكون رادعة لأمثاله من الوقوع في مثل هذه الجرائم , وتطهر المجتمع من المجرمين؟ فعندما يرجم الإسلام الزاني بالحجارة جزاء له على كل ما ارتكبه من جرائم في حق الأفراد وفي حق المجتمع، يقيمون الدنيا ولا يقعدونها، ولكن عندما ترجم حكوماتهم الشعوب البريئة بالقنابل المحرقة والصواريخ المدمرة لأجل استعمارها ونهب خيراتها، أو عندما تنزل هذه الحكومات على معارضيها السياسيين أشد أنواع العقوبات، فإنهم لا يرون في كل ذلك بأسًا , ومن ذا الذي يعرف الوسائل والطرق القاسية التي تتوسل بها الحكومات المتحضرة في هذا الزمان إلى استنطاق المتهمين حتى يعترفوا بجرائم على أساس الشبهات فقط؟ كل ذلك أمر سائغ ومقبول أما عندما توقع الشريعة الإسلامية عقوبة مناسبة لمجرم محترف يتهمونها بالوحشية , فيا عجبًا لهذا العالم المتحضر وقد صدق الشاعر العربي عندما قال:

وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل

<<  <  ج: ص:  >  >>