للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسائل الغزو الفكري:

اتخذ الغزاة من الوسائل كل ما يؤدي أو يساعد على تحقيق أهدافهم جملةً وتفصيلًا، ولم يتركوا وسيلة تساعد على تحقيق هدف ولو جزئي إلا استعملوها، ولذلك نجدهم تارة يستخدمون السلاح، وأخرى يستخدمون السلام، وحينًا يستخدمون العلم، وتارة يستخدمون الطب، وأخرى يستخدمون المساعدات الاقتصادية بأشكالها المختلفة من مساعدات غذائية إلى مساعدات كسائية، إلى مساعدات نقدية كمعاشات ومرتبات شهرية أو مكافآت سنوية، وفي مناسبات كثيرة يكون الكذب والباطل وإثارة الشبهات والضلالات وسيلتهم لتحقيق تلك الأهدف أو بعضها، بل إن ذلك يكاد يكون الطابع العام مع كل الوسائل السابقة، يقول الشيخ محمود شاكر: "وميادين معركة الثقافة والعقل ميادين لا تعد بل تشمل المجتمع كله في حياته وفي تربيته، وفي معايشه، وفي تفكيره، وفي عقائده، وفي آدابه وفي فنونه، وفي سياسته، بل كل ما تصبح به الحياة حياة إنسانية كما عرفها الإنسان منذ كان على الأرض، والأساليب التي يتخذها العدو للقتال في معركة الثقافة أساليب لا تعد ولا تحصى لأنها تتغير وتتبدل وتتجدد على اختلاف الميادين وتراحبها وكثرتها، وأسلحة القتال فيها أخفى الأسلحة" (١) .

ويفصل الدكتوران خالدي وفروخ هذه الوسائل ويعددانها ويبينان أن العدو لم يترك واحدة منها، ولم يفوت مناسبة إلا واستخدمها، فما دامت الغاية واضحة والهدف محددًا نحو الإسلام فقد سلكوا كل السبل الشريفة وغير الشريفة لتحقيق هذه الغاية يقولان: "ولقد استخدم المبشرون جميع الطرق في سبيل التبشير، واستغلوا جميع المناسبات؛ فصناعة التطبيب والتعليم والوعظ، ونقل الكتب من لغة إلى لغة كلها يجب أن توجه توجيها يفيد التبشير.. والمبشرون مجمعون على أن جميع الوسائل ـ مهما كانت ـ يجب أن تستغل في سبيل التبشير، حتى أعمال البر يجب أن تستغل استغلالًا بحتًا، من ذلك قولهم ـ المبشرين ـ كان التطبيب والتعليم من وسائل التبشير ويجب أن يبقيا كذلك، أما أعمال الإحسان فيجب أن تستعمل بحكمة كي لا تذهب في غير سبيلها، يجب أن تعطى الأموال أولًا للبعداء عن الكنيسة ثم تقل تدريجيًّا كلما اقترب أولئك من الدخول في الكنيسة ... " "وكان المبشرون يتخذون من زيارة المسجونين ومن العمل في المستشفيات وسيلة إلى التبشير.. كما لجأوا إلى الرشوة يفسدون بها ضمائر الذين يستميلونهم , واتخذوا سماسرة يجلبون لهم الذين كانوا يرضون أن يبدلوا دينهم، وكانوا يدفعون عن كل رأس عشرة قروش ذهبًا ... " (٢) .


(١) مقدمة الظاهرة القرآنية: ص ١١
(٢) التبشير والاستعمار: ص ٤٨ ـ ٥٠

<<  <  ج: ص:  >  >>