للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعل نظرة فاحصة إلى أمم مثل: الصين.. والهند.. واليابان ستفضى بالباحث إلى الاجتماع على حقيقة تميز الشخصيات القومية، والمواريث الحضارية، وطرائق العيش، والفلسفة، والحياة، وفى النظرة للكون وتصوره، لدى شعوب وأمم هذه الحضارات..

وكذلك الحال إذا نحن تأملنا الحضارة الغربية منذ اليونان وحتى نهضتها الحديثة.. والحضارة الإسلامية منذ تبلورها كثمرة لاندماج المواريث القديمة للشعوب التي دخلت الإسلام بعد الإحياء لهذه المواريث كثمرة لاندماج هذه المواريث في الفكر الإسلامي، الذي استصفاها وطورها وفقًا لمعاييره (١) حيث لم يكن المسلمون مجرد نقلة، ولكن إضافاتهم للأصول التي نقلوا عنها تشهد بأنهم زادوا وابتكروا، لأنهم كانوا ينظرون بعين إلى الثقافة اليونانية، وبالعين الأخرى إلى التعاليم الإسلامية. (٢)

على أن الذي ينبغى أن نقف عنده: (أن التصور الذي يرى أن العالم وطنًا واحدًا لا غزو لفكر فيه تصور يقوم على انتصار الحضارة الغربية المتغلبة التي تعمل على مسخ الحضارات العريقة) .

إذن: لابد من التصور الذي يقوم على أن الفكر إذا نظرنا إليه على المستوى العالمى الإنسانى، وجدنا في هذا الفكر: (ما هو مشترك إنسانى عام) لا يختص بحضارة بذاتها، وفى هذا الفكر أيضًا ما يتميز بالخصوصية والاختصاص.

والتمييز في الفكر بين ما هو مشترك إنسانى وبين ما هو خصوصية حضارية إنما تحكمه وتحدده معايير موضوعية.


(١) انظر الدكتور محمد عمارة، الغزو الفكرى وهم أم حقيقة: ص ٩ بتصرف
(٢) انظر: الدكتور توفيق الطويل. الحضارة الإسلامية والحضارة الأوروبية: ص ١٥١، طبعة مكتبة التراث الإسلامى. مصر ١٩٩٠م

<<  <  ج: ص:  >  >>