ولاشك أن الغزو الفكري أعمق أثرًا، وأشد فتكًا في حياة الأمة من الغزو المسلح؛ لأنه يتسلل إلى عقولها وقلوب أبنائها، ذلك أن الأمم تقاس بمقوماتها العقدية، والفكرية، وقيمتها الخلقية.
فالغزو الفكري الأخلاقي أخطر من الغزو المادي المسلح، لأنه يمضي بين الناس في صمت ونعومة وخفاء في الأهداف، مما يجعل الناس تدريجيًّا يتقبلون كل جديد ولو خالف قيمهم وعقائدهم وأفكارهم دون معارضة، ويتقبلون الذوبان في بوتقة أعدائهم، وهم ينظرون ولا يشعرون. (١) .
وإذا كان العداء الصليبي للإسلام والمسلمين سببًا رئيسيًّا دفع بالغرب إلى (الغزو الفكري) للمجتمعات الإسلامية فإنَّ هناك أسبابًا أخرى – غير العداء الصليبي – ساعدت على انتشار (الغزو الفكري) وعملت على هزيمة المسلمين أمام هذا الغزو، ونجد ذلك واضحًا في ثانيًا..
(١) انظر: عز الدين الخطيب التميمي وآخرين، نظرات في الثقافة الإسلامية: ص ٣٤