للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: من مظاهر الغزو الفكري:

إحياء النزاعات الجاهلية التي لا تتفق مع تعاليم الإسلام كالدعوة إلى القومية، والدعوة إلى الفرعونية، والآشورية، والفينيقية، وما جرى مجرى هذا مما يتنافى مع الإسلام, الدعوة إلى التحلل والإباحية: وهذه دعوة خبيثة لأنها تطعن الأمة في أخلاقها وقيمها، وقد شاعت في المجتمعات الإسلامية أمور تعافها الفطر السليمة, ولكنه الانحراف الذي لا يعترف بالقيم الفاضلة.

ثالثا – إبعاد العلماء عن مراكز التوجيه والسلطة:

ولا يخفي أن إبعاد العلماء عن المراكز التوجيهية أمر له خطورته، وفي بعض المجتمعات تقلص دور العلماء، وأصبح قاصرًا على خطبة الجمعة، وبعض الأحاديث التي تخضع للعيون الساهرة والمراقبة الدقيقة، وأصبح بعض العلماء يجرون وراء المناصب جريًا تذل له الجباه، ويطلبون المناصب بما لهم من مآثر في الأتباع، وأياد في التصفيق والتأييد.

رابعًا – التعليم والثقافة:

ولا يخفي أن الغزو الفكري، ينتشر من خلال مدارس التعليم ومعاهده وجامعاته أفضل من أي مظهر آخر.

وقد دخل الغزو الفكري إلى العالم الإسلامي، من باب يخيل إلى السطحيين من الناس أنه الباب الطبيعي, إذ حمل اسم العلم والمعرفة والتمدن, يقول القس زويمر: (المدارس أحسن ما يعول عليه المبشرون في التحكم بالمسلمين) (١) .

ومن المعروف أن المسلمين أقبلوا على هذه المدارس بكثرة كاثرة، يزدردون مناهجها، ويلتهمون كل ما احتجنته من عقيدة وفكر، لا يميزون صحيحها من فاسدها، ونفعها من ضرها. (٢)

وبما أن الثقافة ليست علومًا ومعارف وأدبًا وفنونًا فحسب، بل مناهج فكر وخلق تصطبغ حياة الأمة بصبغتها في شتى ضروب نشاطها، فإن (الغزو الفكري) استطاع من خلال الثقافة أن يلقي بمزيج من الأخلاط الغربية الملتمسة من الفكر الغريب المنحرف، والتوجيه الفاسدالقائم على التخطيط الشرير (٣) .

ولذا قام الغزو الفكري بالدعوة إلى الأغراض الآتية:

١- الدعوة إلى إضعاف العلاقة بين المسلمين بقطع الروابط الثقافية وإحياء الثقافات الجاهلية.

٢- الدعوة إلى العامية، وإلى تطوير اللغة.

٣- إيجاد الشعور بالتبعية الثقافية، والشعور بمركب النقص.

٤- دفع الجامعات إلى الاعتماد على كتب المستشرقين العلمية.

٥- توهين جهود المخلصين الثقافية والإبداعية.

٦- تمجيد القيم الغريبة، وتسفيه القيم الإسلامية، والدعوة إلى نبذها.

٧- لفت المجتمعات إلى القشور، وإلهائها عما يفيد وينفع.

٨- إحياء المذاهب الفلسفية والجدلية، والبعد عن الأساليب العلمية.

٩- إنشاء الموسوعات التاريخية الإسلامية، وبذر الشكوك ولَيُّ الحقائق فيها.

١٠- الحرص على تكوين جيل مثقف يحمل راية الاستشراق والدعوة (٤) .

١١- الدعوة إلى تدريس العلوم الطبية وغيرها بلغات غير اللغة العربية، ليظل المسلم عنده إحساس بعجز اللغة العربية لغة القرآن.


(١) محب الدين الخطيب، الغارة على العالم الإسلامي: ص ٤٨، طبعة ١٣٨٤ هـ
(٢) إبراهيم النعمة، المسلمون أمام تحديات الغزو الفكري: ص ١٣
(٣) انظر: عمر عودة الخطيب، لمحات في الثقافة الإسلامية: ص ١٦٧، ١٦٨
(٤) انظر: الدكتور توفيق الواعي، الحضارة الإسلامية مقارنة بالحضارة الغربية: ص ٧٢٢

<<  <  ج: ص:  >  >>