إن الغزو الفكرى الذي يحتاج الشعوب الإسلامية يهدف فيما يهدف إلى:
١- أن تظل الشعوب الإسلامية خاضعة لنفوذ القوى المعادية لها.. تلك القوى التي تتمثل في عدد محدود من الدول الكبيرة، التي يحمى بعضها بعضا، ويتبادل ساستها الدفاع عن المصالح، التي تهم أي طرف من أطرافها.
٢- أن تظل بلدان العالم الإسلامي خصوصًا، والعالم النامى عمومًا تابعة لتلك الدول الكبيرة المتقدمة تبعية غير منظورة، وفى هذه التبعية يكمن دهاء تلك الدول المتبوعة وذكاؤها، فليس أقتل للشعوب من أن تحس بالحرية والاستقلال بينما هي ترسف في قيود الذل والتبعية. وليس أضيع لمستقبل أمه من الأمم أن تعجز عن أن تخطط لمستقبلها ومصيرها إلا وهى دائرة في فلك دولةٍ كبيرةٍ واهمةً ذاهلةً عن حقيقة ما تعانيه من تبعية.
٣- أن تتبنى الأمة الإسلامية أفكار أمة أخرى من الأمم الكبيرة دون نظر فاحص، وتأمل دقيق، مما يؤدى إلى ضياع حاضر الأمة الإسلامية في أي قطر من أقطارها، وتبديد لمستقبلها، فضلًا عما في ذلك من صرف عن منهجا وكتابها، وسنة ورسولها.. وما يترتب على هذا الصرف من ضياع أي ضياع، إذ لا يوجد مذهب سياسى أو اقتصادى أو اجتماعى يغنى الأمة الإسلامية عن منهجها الإلهى، ونظامها الشامل المتكامل في كل زمان ومكان.
٤- أن تتخذ الأمة الإسلامية مناهج التربية والتعليم لدولة من هذه الدول الكبيرة فتطبقها على أبنائها وأجيالها، فتشوه بذلك فكرهم، وتمسخ عقولهم، وتخرج بهم إلى الحياة وقد أجادوا بتطبيق هذه المناهج عليهم شيئًا واحدًا، هو تبعيتهم لأصحاب تلك المناهج الغازية أولًا, ثم يلبس الأمر عليهم بعد ذلك، فيحسبون أنهم بذلك على الصواب، ثم يجادلون عما حسبوه صوابًا ويدعون إليه، وهم بذلك يؤكدون تبعيتهم من جانب آخر، فيعيشون الحياة وليس لهم منها إلا حظ الأتباع والأذناب.
٥- أن يحول العدو بين الأمة الإسلامية وبين تاريخها وماضيها وسير الصالحين من أسلافها، ليحل محل ذلك تاريخ تلك الدول الكبيرة الغازية وسير أعلامها وقادتها.
٦- أن تزاحم لغة الغالب لغه المغلوب، فضلًا عن أن تحل محلها أو تحاربها بإحياء اللهجات العامية أو الإقليمية، ما دام الإنسان لا يفكر إلا باللغة فإن إضعاف لغة أمة هو إضعاف لفكرها.
٧- أن تسود الأمة المغزوة أخلاق الأمة الغازية وعاداتها وتقاليدها (١) .
٨- تصوير تراث الأمة الإسلامية بصورة التخلف، وعدم قدرته على إمداد الحضارة بشئ مفيد، وأنه لم يكن له فضل على الحضارات التي جاءت بعده.
(١) انظر: الدكتور على عبد الحليم محمود، الغزو الفكرى والتيارات المعادية للإسلام: ص ٨-١٠ بتصرف