للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتبار الأعلمية في المقلد:

والمراد بالأعلمية هو أن يكون صاحبها أقوى ملكة من غيره في مجالات الاستنباط (١) .

وهذا الشرط هو المشهور بين علماء الشيعة وخصوصًا في العصور الأخيرة (٢) وهو مذهب أحمد وابن سريج والقفال من أصحاب الشافعي وجماعة من الأصوليين وقد اختاره الغزالي المستصفى ٢ / ١٢٥. كما نقل عن محمد بن الحسن (٣) .

وقد ذهب جماعة من علماء الإمامية ممن تأخر عن الشهيد الثاني إلى عدم الاشتراط (٤) .

وليس لنا في هذا المقام إلا الإشارة إلى بعض الأدلة في المقام ويترك البحث المفصل إلى محله.

وقد استدل لعدم اشتراط الرجوع إلى الأعلم حتى في حالة العلم بالخلاف بينه وبين غيره بوجوه:

منها: التمسك بإطلاق الأدلة الواردة في جواز الرجوع إلى الفقيه بل قد يقال: إن الغالب فيمن كان الناس يرجعون إليهم عدم الأعلمية مع العلم باختلاف الفتاوى بل شكل هذا سيرة عامة عبر القرون منذ صدر الإسلام.

ومنها: أن هذا الأمر متعسر جدا.

ومنها: بناء العقلاء.

ومنها: تطابق الصحابة وإجماعهم على ذلك.

وقد نوقش في هذه الأدلة:

أما الأول: فلأن محل الكلام هو ما لو علم بالمخالفة بين العالم والأعلم ونحن لا نعلم أن الرجوع كان في هذه الصورة لتكون الروايات نصا في ذلك فلا يبقى إلا الإطلاق والإطلاق لا يشمل المتعارضين لأن شموله لهما يستلزم الجمع بين الضدين أو النقيضين، ولا مجال للقول بالتخيير باعتبار أن رفع اليد عن إطلاق الدليلين المتعارضين أولى من رفع اليد عن أصليهما، وذلك أن الدليلين هنا – كما يقول السيد الخوئي (رحمه الله) – ليس لهما نص وظاهر بل دلالتهما بالظهور والإطلاق فلا مناص من الحكم بتساقطهما، بعد أن لم يكن الجمع العرفي بينهما، وقد نوقشت الأدلة الباقية بإنكارها.


(١) الأصول العامة للفقه المقارن ص ٤٥٩ نقلاً عن إحكام الأحكام – للآمدي ٣ / ١٧٣، ويقول صاحب العروة " المراد من الأعلم من يكون أعرف بالقواعد والمدارك للمسألة وأكثر اطلاعًا " لنظائرها وللأخبار وأجود فهما " للأخبار والحاصل أن يكون أجود استنباطًا " (العروة الوثقى المسألة ١٧) .
(٢) يقول صاحب المعالم ابن الشهيد الثاني ص (٣٨٨) " وإن كان بعضهم أرجح في العلم والعدالة من بعض تعين عليه تقليده وهو قول الأصحاب الذين وصل إلينا كلامهم وحجتهم عليه أن الثقة بقول الأعلم أقرب وأوكد، ويحكى عن بعض الناس القول بالتخيير ".
(٣) عمدة التحقيق ص ٥٤.
(٤) مستمسك العروة الوثقى ١ / ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>