للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الإمامية: فرغم أننا نقلنا عن إمام كبير من فقهائهم جواز التبعيض وهو منقول عن غيره أيضًا. إلا أنه لم يكن معروفًا لديهم باعتبار مشهورية فتوى ضرورة تقليد الأعلم شهرة عظيمة، وقلة الموارد التي يعلم فيها بالتساوي في المرتبة العلمية حتى ينطرح مثل هذا الموضوع.

وعلى أي حال فالمهم هو الاستدلال للأمر والرجوع إلى أدلة الاجتهاد والتقليد لمعرفة الحق في البين، أما الأقوال فإنما يستأنس بها إذا لم تصل إلى حد الإجماع الكاشف عن نظر الشارع (١) .

رأي المرحوم السيد الحكيم (رحمه الله) :

فالإمام الحكيم يقول في مستمسكه في ذيل المسألة ٣٣ من مسائل (العروة الوثقى) ما يلي:

" قد عرفت أنه مع اختلاف المجتهدين في الفتوى تسقط إطلاقات أدلة الحجية عن المرجعية، وينحصر المرجع بالإجماع، فمشروعية التبعيض تتوقف على عموم الإجماع على التخيير بينهما لصورة التبعيض ولم يتضح عموم الإجماع ولم أقف عاجلاً على من ادعاه، بل يظهر من بعض أدلة المانعين عن العدول في غير المسألة التي قد قلد فيها المنع عن التبعيض، فراجع كلماتهم ومثلها دعوى السيرة عليه في عصر المعصومين، فالتبعيض إذًا لا يخلو من إشكال.

نعم بناء على كون التقليد هو الالتزام بالعمل بقول مجتهد معين لا مانع من التبعيض لإطلاقه أدلة الحجية " (٢) .

وقد وضح هذا في موضع آخر فقال ما ملخصه: إن التقليد هو العمل اعتمادًا على رأي الغير، فإن اتفق المجتهدون أمكن تقليدهم جميعًا ولا يشترط التعيين، وإن اختلفوا امتنع أن يكون الجميع حجة للتكاذب الموجب للتنقاض ولا واحد معين لأنه بلا مرجح ولا التساقط لأنه خلاف الإجماع والسيرة، فالحجة ما يختاره وهو الالتزام فالالتزام مقدمة للتقليد لا عينه (٣) .


(١) ذيل المستصفى من علم الأصول ٢ / ٤.
(٢) مستمسك العروة الوثقى ١ / ٤٢.
(٣) مستمسك العروة الوثقى، ص ١١ – ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>