للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد احترز به عن:

أ- جميع التكاليف، فإنها ثابتة على خلاف الدليل. إذ الأصل عدم التكليف لكن ثبوتها لا لعذر بل للابتلاء.

ب- كل حكم ثبت لمانع لا لعذر. كما في ترك الحائض الصوم ونحوه، إذ العذر لدينا في المشروعية، كالسفر والمرض مع الصوم (١) .

وقد عرف بعض الأصوليين الرخصة بأنها: ما تغير من عسر إلى يسر لعذر مع قيام السبب للحكم الأصلي (٢) . أو: ما شرع لعذر شاق استثناء من أصل كلي يقتضي المنع مع الاقتصار على مواضع الحاجة فيه (٣) . وهم بهذا إنما يريدون وضع تعريف يعم الرخصة الحقيقية والمجازية. وهل الرخصة من أقسام الحكم الوضعي؟ إلى هذا ذهب بعض الأصوليين (٤) . وذهب بعضهم إلى أنها من أقسام الحكم التكليفي، بينما ذهب فريق إلى أنها تدخل في تقسيم فعل المكلف.

والتحقيق أن الخلاف في هذا لفظي لا تترتب عليه ثمرة سوى المنهجية في الكتابة والتبويب (٥) .

فالعزيمة والرخصة ينقسم الحكم إليهما باعتبار كونه على وفق الدليل القائم أو على خلافه. وفي كل من الرخصة والعزيمة يوجد من الشارع جعل الشيء (العذر أو عدمه) سببًا في حكم تكليفي.

فمن نظر إلى الجعل ذهب إلى أن الرخصة قسم للحكم الوضعي، ومن نظر إلى الحكم المسبب ذهب إلى أنها قسم للحكم التكليفي.

وفي هذا يقول (الكمال بن الهمام) : "وقيل للشارع في الرخص حكمان: كونها وجوبًا أو ندبًا أو إباحة وهو من أحكام الاقتضاء والتخيير. وكونها مسببة عن عذر طارئ في حق المكلف يناسب تخفيف الحكم عليه مع قيام الدليل على خلافه؛ وهو من أحكام الوضع لأنه حكم بالمسببية ولا بدع في جواز اجتماعهما في شيء واحد من جهتين " (٦) .


(١) الإسنوي ١ / ٧١. والقرافي.
(٢) جمع الجوامع: ١ / ١١٩ – ١٢٠. التقرير والتحبير: ٢ / ١٤٨. المستصفى: ١ / ٩٨. ومسلم الثبوت ١٠/ ١١٩.
(٣) الموافقات: ١ / ٣٠١.
(٤) الموافقات: ١ / ١٨٧.
(٥) كتابنا أصول الأحكام: ١٩٨.
(٦) التقرير والتحبير: ٢/ ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>