للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقل عن القرافي في شرح المحصول القول بجواز تتبع الرخص بشروط:

الأول: أن لا يكون التتبع موقعًا في أمر يجمع على إبطاله إمامه الأول وإمامه الثاني.

الثاني: أن يكون التتبع في المسألة المدونة للمجتهدين الذين استقر الإجماع عليهم دون من انقرضت مذاهبهم.

الثالث: أن لا تترك العزائم رأسًا بحيث يخرج عن ربقة التكليف الذي هو إلزام ما فيه كلفة (١) .

ومن هذا الفريق الإمام ابن تيمية، فإنه فرق بين حالتين:

الأولى: اعتقاد الشيء واجبًا أو حرامًا ثم يعتقده – بطريق تتبع الرخص – غير واجب ولا حرام. وقد مثل لهذه الحالة بما نص عليه بقوله: " مثل أن يكون طالبًا لشفعة الجوار فيعتقد أنها حق له، ثم إذا طلبت منه شفعة الجوار اعتقد أنها ليست ثابتة. أو مثل من يعتقد إذا كان أخًا مع جد أن الإخوة تقاسم الجد، فإذا صار جَدًّا مع أخ اعتقد أن الجد ينفرد بالميراث دونهم ... فمثل هذا ممكن في اعتقاده حل الشيء وحرمته، ووجوبه وسقوطه بحسب هواه. هو مذموم بخروجه، خارج عن العدالة. وقد نص الإمام أحمد وغيره على أن هذا لا يجوز " (٢) .

الثانية: أن يكون تتبع الرخص بطريق الانتقال من قول فقهي إلى قول فقهي آخر إذا تبين للمتتبع ما يوجب رجحان قول على قول: وهذا الرجحان يكون بأحد طريقين كما نص على ذلك الإمام ابن تيمية بقوله: " إما بالأدلة المفصلة إن كان يعرفها ويفهمها وإما بأن يرى أحد رجلين أعلم بتلك المسألة من الآخر وهو أتقى لله فيما يقوله، فيرجع عن قوله إلى قول هذا. فهذا يجوز، بل يجب. وقد نص الإمام أحمد على ذلك " (٣) .


(١) انظر حاشيته على جمع الجوامع: ٢ / ٤٤٢.
(٢) الفتاوى: ٢٠ / ٢٢٠.
(٣) الفتاوى: ٢٠ / ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>