للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩- ما نقل عن ابن عبد البر أنه لا يجوز تتبع الرخص إجماعًا، غير مسلم به، إذ شك العلماء في صحة ما نقل عنه، كما لم يسلم له بصحة الإجماع (١) وقد سبق أن ذكرنا أن للإمام أحمد روايتين في الموضوع، ولسنا مع ما ذهب إليه الروياني من أن شرط التقليد أن لا يتتبع الرخص إذا كان المقصود بها اتباع ما فيه سهولة على المكلف لا في مسائل القضاء.

وأما التلفيق فإني أرى جوازه اتباعًا لمن قال به من العلماء للأسباب التالية:

١- لم يثبت نص في منع التلفيق من أحد المجتهدين أو أهل التخريج.

٢- الذين منعوا التلفيق هم عدد من العلماء المتأخرين، ولم يوافقهم على ذلك عدد آخر من العلماء كشيخ الإسلام أبو السعود، والكمال بن الهمام، وصاحب تنقيح الحامدية، وابن نجيم الذي جزم في رسالته في بيع الوقف بجواز التلفيق، ويشترط فيه ما اشترط في تتبع الرخص، أن لا يرتكب ما اشتهر بحرمته عند جمهور العلماء أو ما هو باطل في جميع المذاهب إذا ترك كل تقييدات وشروط المذاهب كلها.

وأختم بحثي بقول صاحب (القول السديد في أحكام التقليد) بعد أن استعرض أقوال المخالفين وأدلتهم: " وحيث لم يقم للمخالف على التقليد بعدم التلفيق استدلال، فاتق الله في تحريم ما دل إطلاق الدليل على أنه حلال، وكن ممن يعرف الرجال بالحق لا ممن يعرف الحق بالرجال، فماذا بعد الحق إلا الضلال " (٢) .

وهذا هو الأوفق الأيسر في زمننا هذا، من جواز تتبع الرخص، وجواز التلفيق.

والله الموفق الهادي إلى سواء السبيل والحمد لله رب العالمين.

أ. د. عبد العزيز عزت الخياط


(١) التحبير للكمال بن الهمام ٣ / ٣٥١.
(٢) القول السديد في أحكام التقليد ص ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>