للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥- الضرورة اقتضت تشريع أحكام تخفيفية على الناس كالتيمم، أو ترخيصًا كإفطار المسافر، وذلك تيسيرًا على الناس ولا سيما ذوي الأعذار منهم.

٦- أسقط الله تبارك وتعالى المؤاخذة على من أخذ بالرخصة مع قيام الحرمة أو الوجوب، أو قيام السبب المحرم أو الموجب، فالأخذ بالرخص وتتبعها للتسهيل على الناس، لاسيما في أيامنا هذه، وقد خف فهم الناس للقواعد والأصول، وتأثروا بالثقافات الأجنبية فمالوا إلى التخفف من أحكام الشرع، وأصبحوا يعتمدون على العقل في الحكم على الأشياء، فإجراء أعمالهم على مقتضى الاجتهادات والأحكام الشرعية المخففة أولى.

٧- أجاز الفقهاء الاتباع للعالم (وهو التقليد عن دليل) وأجازوا التقليد للعامي، والعامي يعرف الحكم بسؤال العلماء ولا يعرف الدليل، ويأخذ برأي مفتيه ويعمل به، وقد يتعدد المفتون في الموضوع الواحد، وقد يفتي بما هو رخصة في كل مذهب ولا ضير عليه، شريطة ما ذكرنا من عدم ارتكاب ما هو مشهور بالتحريم.

٨ – أجاز الكمال بن الهمام تتبع الرخص وهي جزئيات المسائل لا أجزاؤها (١) ، واعتمد في إجازته ذلك على أنه لم يرد أي نص من أي مجتهد على منع ذلك، والكمال بن الهمام من أهل الترجيح بل قد بلغ رتبة الاجتهاد، وهو أدرى بمذاهب المجتهدين، ولو كان هناك نص في مذهب أبي حنيفة لنسبه إليه، ويبعد كل البعد أن يكون كذلك ويجهله (٢) ، وقد جاء في كتاب التحرير: "ولا يمنع منه مانع شرعي بأن كان في غير ما عمل به، إذ للإنسان أن يسلك الأخف عليه إذا كان إليه سبيل، إن لم يكن عمل بآخر فيه، وكان عليه السلام يحب ما خفف عليهم " (٣) ، وقال في فتح القدير " وأخذ العامي في كل مسألة بقول مجتهد أخف عليه، لا أدري ما يمنعه من العقل والنقل " (٤) .


(١) اعترض الشرنبلالي من علماء الحنفية على تخصيص الرخص بجزيئات المسائل لا بأجزائها بأنه تخصيص من غير مخصص، إذ الرخصة السهولة، وهي تكون في جزئيات المسائل كالوضوء لقلة فروضه عند أبي حنيفة، وتكون في أجزائها أي متعلقاتها كعدم نقض الوضوء بالدم عند الشافعي وباللمس عند أبي حنيفة.
(٢) القول السديد في أحكام التقليد للشيخ منيب هاشم مفتي نابلس ص ٢٥.
(٣) التحبير للكمال بن الهمام ٣ / ٣٥١.
(٤) فتح القدير ٦ / ٣٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>