للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكييف بيع العربون:

يتبين من تعريف بيع العربون، أنه بيع يثبت فيه الخيار للمشتري، فإذا أمضى البيع كان العربون جزءًا من الثمن، وإذا رد البيع فقد العربون، فهو خيار شرط يقابله مال في حال الرد، وهذا الخيار للمشتري وحده، أما البائع فإن البيع لازم بالنسبة له، لا يستطيع رده، كما يتبين أيضا أنه خيار غير محدد بزمن.

ثانيًا: مشروعية بيع العربون:

ورد في حكم العربان حديثان: أحدهما ينهى عنه، والآخر يحله.

١- الحديث الذي ينهى عنه هو: يحكى عن مالك عن الثقة عنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربان)) (١) .

هذا الحديث ضعفه جماعة من رجال الحديث، منهم الإمام أحمد (٢) ، وقال النووي عنه: مثل هذا لا يحتج به عند أصحابنا، ولا عند جماهير العلماء (٣) .

والضعف يدخل هذا الحديث من وجهين:

الأول: إبهام الثقة الذي روى عنه مالك.

الثاني: رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.

فقد ذهب قوم إلى ترك الاحتجاج بها منهم: أبو داود، وابن حبان، وابن عدي، وابن معين في رواية عنه.

قال ابن حبان: إن أراد جده عبد الله، فشعيب لم يلقه، فيكون منقطعًا، وإن أراد محمدًا، فلا صحبة له، فيكون مرسلاً (٤) .

قال ابن معين: رواية عمرو عن أبيه عن جده كتاب ووجادة، فمن هنا جاء ضعفه: لأن التصحيف يدخل على الراوي من الصحف: ولذا تجنبها أصحاب الحديث (٥) .

وصحح الحديث جماعة، وقالوا عن المطعن الأول: إن سند الحديث، وإن كان ضعيفًا لإبهام الثقة الذي رواه عنه مالك، إلا أن الحديث ذاته صحيح لمعرفة هذه الثقة، فقد قال ابن عبد البر: إنه ابن لهيعة (٦) .


(١) الموطأ بهامش المنتقى ٤ /١٥٧، وقال في منتقى الأخبار: رواه أحمد والنسائي وأبو داود. نيل الأوطار ٥/ ١٦٢.
(٢) المغني مع شرح الكبير ٤ /٢٨٩.
(٣) المجموع شرح المهذب ٩ /٣٣٤.
(٤) هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص. صحيح الترمذي ٣ /١٣٧.
(٥) تدريب الراوي ٢٢١، المصدر السابق.
(٦) تدريب الراوي ٢٢١، وشرح الشيخ أحمد محمد شاكر لمسند الإمام أحمد ١١ /١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>