للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وروي عن ابن سيرين أنه قال عن بيع العربون: لا بأس به، وقال سعيد بن المسيب وابن سيرين: لا بأس إذا كره السلعة أن يردها، ويرد معها شيئًا. وقال أحمد: هذا في معناه، أي في معنى بيع العربون، والله أعلم.

- وأخرج البخاري في باب ما يجوز من الاشتراط عن ابن سيرين قال: قال رجل لكريّه: ارْحَلْ ركابَك، فإن لم أرحل معك في يوم كذا وكذا، فلك مئة درهم، فلم يخرج، فقال شريح: "من شرط على نفسه طائعًا غير مكره، فهو عليه ". فهذا دليل واضح على أن من اشترط شيئًا على نفسه، وجب عليه الوفاء به.

- وأجاز بيع العربون والشرط فيه مجاهد، ومحمد بن سيرين كما تقدم، وزيد ابن أسلم، ونافع بن عبد الحارث، وقال أبو عمر: وكان زيد بن أسلم يقول: أجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

- وذكر الإمام أحمد أن محمد بن مسلمة الأنصاري اشترى من نَبَطي حزمة حطب، واشترط عليه حملها إلى قصر سعد، واشترى عبد الله بن مسعود جارية من امرأته، وشَرَطَتْ عليه: أنه إن باعها، فهي لها بالثمن. وفي ذلك اتفاقهما على صحة البيع والشرط، ذكره الإمام أحمد وأفتى به (١) .

ترجيح:

رجح الشوكاني رحمه الله رأي الجمهور، للنهي الوارد في حديث عمرو بن شعيب، فإنه وإن كان ضعيفًا إلا أنه قد ورد من طرق يقوي بعضها بعضًا. ولأنه حديث يتضمن الحظر، وهو أرجح من الإباحة كما تقرر في علم الأصول (٢) .

والذي أراه هو ترجيح رأي الحنابلة بيعًا وإجارة بعد العقد، عملاً بالوقائع الكثيرة التي دلت على جوازه في عصر الصحابة والتابعين، فهو قول صحابي وافقه عليه آخرون، واتجاه كبار التابعين من فقهاء المدينة.

- ولأن الأحاديث الواردة في شأن بيع العربون لم تصح عند الفريقين.

- ولأن عرف الناس في تعاملهم على جوازه والالتزام به.

ولحاجة الناس إليه ليكون العقد ملزمًا ووثيقة ارتباط عملية بالإضافة إلى الأوامر الشرعية بالوفاء بالعقود في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:١] وبخاصة حيث كثر التحلل من الالتزامات من غير سبب ولا تراضٍ بين الطرفين لفسخ العقد بالإقالة، ودفعًا للضرر عن البائع الذي قد تفوته فرصة أخرى ببيع سلعته.


(١) إعلام الموقعين: ٣/ ٤٠١.
(٢) نيل الأوطار: ٥ /١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>