تعارف الناس بيع العربون وتعاملوا به كثيرًا في الحياة التجارية قديمًا وحديثًا، وأصبح قاعدة مستقرة مألوفة لا تثير نزاعًا ولا إشكالاً، والناس بحاجة ماسة إليه لتوثيق العقود والتأكد من إبرام الصفقة والالتزام بها والوفاء بشروطها.
والعربون جزء من الثمن أو الأجرة، وهو جائز في البيع والإيجار، فإن تم العقد احتسب من البدل، وإن نكل المشتري أو المستأجر عن العقد، استحقه البائع. ويجوز أيضا في شراء الأوراق المالية كالأسهم، وفي بيع المرابحة وفي تقديم الخدمات من طبابة أو هندسة أو مقاولة.
واختلف العلماء في شأنه فريقين؛ الجمهور يمنعونه والحنابلة يجيزونه، ولكل فريق أدلة نقلية وعقلية، تبين منها ضعف الأحاديث التي استند إليها الفريقان، وقد رجحت مذهب الحنابلة لقوة أدلته بالعرف العملي وفعل الصحابة والتابعين، وكون العربون اشترطه المشتري أو المستأجر على نفسه، فوجب عليه الوفاء، وحل للبائع أخذه حلالاً طيبًا شرعًا، لأدلة مشروعيته الكثيرة من الأثر والعرف والحاجة إليه، ومنها:((المسلمون على شروطهم)) و" مقاطع الحقوق عند الشروط، ولك ما شرطت".
وليس العربون أكلاً لأموال بالباطل، وإنما هو في مقابل ضرر التعطل والانتظار، ويشترط له أن يكون الانتظار في وقت معين، منعًا من إلحاق الضرر بالبائع وتحقيقًا للمصلحة. ولكن العقد بالنسبة للبائع لازم. وهو لازم أيضا للمشتري عملاً بمبدأ استقرار المعاملات ووفاء بالعقود، فإن اختار المشتري أو المستأجر النكول عن العقد، خسر العربون.
وليس في بيع العربون غرر؛ لأن المبيع معلوم والثمن معلوم، والقدرة على التسليم متوفرة.
ولا يجوز عقد العربون في عقود الصرف (بيع النقد بالنقد) ولا في المواعدة على الشراء؛ لأنه لا يصح إلا بعد عقد لا قبله، ولا يجوز أن يكون العربون مبلغًا مستقلا عن سعر السلعة، وإنما هو جزء من الثمن أو الأجرة.
التوصية المقترحة في بيع العربون
عقد العربون جائز للحاجة في البيع والإيجار بشرط تحديد زمن معين للانتظار، وكذا في بيع وشراء الأوراق المالية كالأسهم، وفي بيع المرابحة إلا في حال الوقوع في الربا، وفي حال تقديم العربون في مقابل الخدمات كما في السلع. لا يصح في الصرف ولا في المواعدة على الشراء. ويعد العربون جزءًا من الثمن أو الأجرة بعد عقد لا قبله، في حالات إباحته، وعند إتمام العقد، فإن لم يتم العقد، كان حقًّا للبائع، بسبب إضراره وانتظاره وتعطله، وقبول الناكل عن العقد خسارته حال نكوله.