سبق أن ذكرنا أن الحنابلة، من دون سائر المذاهب الأخرى، قد أجازوا بيع العربون، والحقيقة أن مذهبهم في الشروط أوسع من المذاهب الأخرى ففي إعلام الموقعين:((المسلمون عند شروطهم، إلا شرطًا أحل حرامًا، أو حرم حلالاً)) ، " وتعليق العقود والفسوخ والتبرعات والالتزامات وغيرها بالشروط أمر قد تدعو إليه الضرورة أو الحاجة أو المصلحة، فلا يستغني عنه المكلف، وذكر البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: مقاطع الحقوق عند الشروط، ولك ما شرطت. وقال في كتاب الحرث: وعامل عمر الناس على أنه إن جاء عمر بالبذر من عنده فلهم الشطر، وإن جاؤوا بالبذر فلهم كذا.
وهذا صريح في جواز: " إن أخذته اليوم فلك كذا، وإن أخذته غدًا فلك كذا "، وفي جواز: " بعتكه بعشرة نقدًا أو بعشرين نسيئة "، فالصواب جواز ذلك كله، للنص والآثار والقياس.
والمقصود أن للشروط عند الشارع شأنًا ليس عند كثير من الفقهاء، فإنهم يلغون شروطًا لم يلغها الشارع، ويفسدون بها العقد من غير مفسدة تقتضي فساده، وهم متناقضون فيما يقبل التعليق بالشروط من العقود وما لا يقبله، فليس لهم ضابط مطرد منعكس يقوم عليه، فالصواب الضابط الشرعي الذي دل عليه النص أن كل شرط خالف حكم الله وكتابه فهو باطل، وما لم يخالف حكمه فهو لازم " (١) .
مقصد العربون في الفقه:
١- إعطاء المشتري أو المستأجر حق النكول (= العدول) إذا بدا له أن الشراء في غير صالحه.
٢- جبر ضرر البائع أو المؤجر، في حدود مبلغ العربون، نتيجة نكول المشتري أو المستأجر.
فالعربون هو الجزاء أو الثمن الذي يتكبده أحد المتعاقدين، نتيجة نكوله.