للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل يجوز العربون في بيع النقد بجنسه، وفي الصرف؟

١- بيع النقد بجنسه مرده في الشرع إلى الصورتين التاليتين:

أ - بيع الذهب بالذهب (دنانير ذهبية بدنانير ذهبية) .

ب - بيع الفضة بالفضة (دراهم فضية بدراهم فضية) .

وفي كلتا الحالتين لا يكون هذا إلا إذا اختلفت جهة الإصدار.

٢- الصرف يحتمل المعنيين التاليين:

أ - بيع الذهب بالفضة (دنانير ذهبية بدراهم فضية) .

ب - بيع نقد ورقي بنقد ورقي (ريالات سعودية بدولارات أمريكية) .

في (١) و (٢) يجب التقابض في المجلس وفي (١) يجب أيضا التساوي.

والتواعد على بيع النقد بجنسه، أو على الصرف، جائز بشرط أن يكون غير ملزم.

وبما أن التقابض مطلوب، والتواعد غير ملزم، فلا مجال للعربون في بيع النقد بجنسه، وفي الصرف إنما يلجأ إلى العربون في الحالات التي يجوز فيها الخيار، وهو غير جائز في الحالتين المذكورتين.

فإذا اقترن التواعد غير الملزم بالعربون صار فيه شوب الإلزام، وإذا كان المقصود أن يدفع المتصارف جزءًا من الثمن، ثم بعد مدة يعقد الصرف ويستكمل الثمن، أو يعدل عن الصرف ويفقد العربون، فهذا غير جائز. إنما يستطيع أن يصطرف بسعر، ثم إذا شاء أعاد الصرف بالسعر نفسه أو بسعر آخر، بعقد صرف جديد.

الخلاصة أن العربون غير وارد في الصرف، ولا في المواعدة عليه، والله أعلم.

ولو جاز العربون في بيع العملات لكان فيه ربوان: ربا نساء ينشأ من قبض أحد البدلين وعدم قبض البدل الآخر في المجلس، وربا فضل إذا كان قابض البدل هو نفسه دافع العربون، فعندئذ يصير العربون فضلاً في مقابل النساء، واجتماع الفضل والنساء هو ما يسمى ((ربا النسيئة)) .

هل يجوز أن يكون العربون مبلغًا مستقلا عن سعر السلعة؟

العربون في الفقه والقانون إذا أمضي العقد كان جزءًا من الثمن، فلا يمكن اعتباره هنا مبلغًا مستقلا عن ثمن السلعة.

وإذا عدل المشتري، أو المستأجر، عن العقد، فقد العربون، في الفقه والقانون. وكذلك في القانون، إذا عدل البائع، أو المؤجر، رد العربون مضاعفًا، أي وقع عليه العربون، فهنا يمكن اعتبار العربون أنه صار مستقلا عن الثمن أو الأجرة فمن كان في الفقه مذهبه جواز العربون لم يقصد به إلا هذا. وكذلك هو المقصود في القانون.

أما إذا كان العربون جزءًا من الثمن أو الأجرة، غير مستقل عنهما، بحيث إذا أمضي العقد استكمل الباقي من الثمن أو الأجرة، وإذا لم يمض العقد رد البائع أو المؤجر العربون، فهذا جائز عند الجميع، كما سبق أن قلنا، وليس هو من العربون في شيء.

هل يجوز العربون في الخدمات كما في السلع؟

الذين أجازوا العربون من الفقهاء إنما أجازوه صراحة في البيع وفي الإجارة. والبيع عبارة عن بيع مال (أو سلعة) ، منقول أو غير منقول (دار مثلاً) ، أما الإجارة فهي عبارة عن بيع منفعة، وهذه المنفعة قد تكون منفعة مال (إجارة أشياء أو أموال) أو منفعة شخص (إجارة أشخاص) . وهذه الإجارة (إجارة الأشخاص) هي الخدمات المقصودة بعنوان هذا المبحث.

أما إجارة الأموال أو الأشياء فلا شك أن الذين أجازوا العربون في الإجارة إنما أرادوا بهذه الإجارة إجارة الأموال، كالدابة، بلا تردد.

وهنا نتساءل: هل تلحق إجارة الأشخاص بإجارة الأموال في العربون؟

يفرق الفقهاء بين الأجير الخاص والأجير المشترك.

وصورة العربون في الأجير الخاص أن يتفق رب عمل مع عامل على استخدامه لديه، خلال مدة محددة، بحيث إذا انقضت المدة ولم يعقد عقد العمل من جانب رب العمل كان عليه أن يدفع للعامل مبلغًا معلومًا، وإذا كان النكول من جانب العامل كان عليه أن يدفع لرب العمل مبلغًا مماثلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>