للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع ذلك فإن شراء أسهم الشركات، ولو كانت أعمالها مشروعة، مقيد ببعض القيود. فالسهم عبارة عن حصة في صافي موجودات (= أصول) الشركة، وصافي الموجودات هو الفرق بين الموجودات والديون المترتبة على الشركة، فإذا كانت الشركة لا تتعامل بالديون، أو كانت نسبة الديون فيها قليلة بالنسبة لمجموع الميزانية (١) ، فإن السهم يجوز شراؤه، ولو كان بعض الثمن مؤجلاً أو مقسطًا، وعندئذ يجوز العربون، أما إذا كان السهم يمثل حصة في موجودات الشركة وكانت هذه الموجودات نقودًا كلها أو معظمها، فإن شراء السهم يأخذ حينئذ حكم الصرف، ولا يجوز العربون، لما سبق بيانه في مبحث العربون في الصرف.

المهم هنا أنه في الحالات التي يجوز فيها شرعًا شراء السهم لأجل، أو بالخيار، يجوز العربون، وإلا فلا.

هل يجوز العربون في بيع المرابحة؟

١- بيع المرابحة، في الفقه القديم، عبارة تطلق على أحد أنواع بيوع الأمانة؛ وهذه الأنواع هي: المرابحة، والتولية، والوضيعة. والمرابحة هي بيع الشيء بمثل ثمنه الأول مضافًا إليه ربح معلوم، إما بمقدار محدد: ٥ ريالات مثلاً ربح على رأس المال، وإما بنسبة معلومة من رأس المال يسهل حسابها على المشتري، لكي يصير الثمن الكلي معلومًا له، مثلاً نسبة ٥ % من الثمن الأول. فإذا كان الثمن الأول ١٠٠ فيكون الربح: ١٠٠ × ٥ % = ٠٥ ويكون ثمن المرابحة: ١٠٠ + ٥ = ١٠٥ ريالات.

أما التولية فهي البيع بثمن مساو للثمن الأول. وأما الوضيعة فهي البيع بثمن أقل من الثمن الأول بوضيعة معلومة، كما في المرابحة.

وسميت هذه البيوع بيوع أمانة (خلاف بيوع المساومة) لأنها مبنية على ائتمان المشتري للبائع وثقته به، من حيث الثمن الذي قامت عليه السلعة به، ويمكن أن تدخل في هذا الثمن مصاريف الشراء.

ففي صورة المرابحة هذه إذا تمت على أساس العربون فإنها جائزة عند من يجيز العربون، لا فرق في الجواز وعدمه بين بيع مرابحة وبيع مساومة.

٢-وبيع المرابحة، في حياتنا المعاصرة، عبارة تطلق اختصارًا على بيع المرابحة للآمر (أو للواعد) بالشراء كما يجري في المصارف الإسلامية الحديثة، بأن يطلب أحد العملاء إلى المصرف شراء سلعة موصوفة، فيعد المصرف العميل بشرائها، ويعد العميل المصرف بشرائها منه إذا ما اشتراها المصرف فإذا ما اشتراها المصرف دفع ثمنها نقدًا، وباعها إلى العميل بثمن مقسط أعلى.

وهذه المواعدة بين المصرف والعميل قد تكون ملزمة للطرفين، أو غير ملزمة لهما، أو ملزمة للمصرف دون العميل.


(١) انظر قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة، رقم ٥ لعام ١٤٠٨ هـ (= ١٩٨٨ م) ، بشأن سندات المقارضة وسندات الاستثمار، مع ملاحظة أن الأسهم في حكمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>