للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعربون يجوز في المرابحة عند من يجيز العربون، ويجيز الإلزام في المرابحة. من الفقهاء المعاصرين، فإذا كان الإلزام للطرفين جاز العربون لهما، وإذا كان الإلزام للمصرف جاز دفع العربون من المصرف دون العميل.

أما أنا فلا أرى جواز الإلزام في المرابحة (١) ، ومن ثم لا يجوز العربون فيها، ذلك لأن العربون لا محل له إذا كان الطرفان في المرابحة بالخيار، إذا شاءا أمضيا العقد، وإذا شاءا تركا فلا يوجد العربون إلا حيث يوجد الإلزام، ويكون العربون تأكيدًا لهذا الإلزام، ومن نكل دفع ثمن نكوله.

هل يلزم في بيع العربون أن تكون السلعة حاضرة للمعاينة، أم يجوز عند المواعدة على الشراء؟

من يرى من الفقهاء المعاصرين جواز الإلزام بالمواعدة في بيع المرابحة في المصارف الإسلامية، فإنه لابد وأن يرى جواز العربون مؤيدًا لهذا الإلزام، إذا كان أيضا ممن يرى جواز العربون أصلاً، وأعتقد أنه سيكون كذلك، لأن استجازة العربون أسهل في الفقه من استجازة الإلزام بالمواعدة في المرابحة المصرفية المعاصرة، وقد بينا ذلك في مواضع أخرى.

أما من لا يرى جواز الإلزام بالمواعدة، ويرى جواز العربون، فإن العربون لا يجوز عنده إلا عند المعاقدة، أي بعد حضور السلعة، ولا يجوز عنده هذا وقت المواعدة.

وإني أرى المواعدة جائزة بغير إلزام، والعربون جائزًا عند المعاقدة، بعد وصول السلعة ودخولها في ملك المصرف، ولا يجوز عند المواعدة على الشراء.

ويجب الانتباه هنا إلى أن بيع السلم، وهو جائز بالنص والإجماع، لا تكون فيه السلعة حاضرة للمعاينة، بل السلعة فيه موصوفة، والعربون في بيع السلم جائز كما في بيع التقسيط، وسنفصل هذا في المبحث التالي، والسلم معاقدة لا مواعدة ولهذا فإن المقصود من المسألة المبحوثة تحت العنوان أعلاه هو بيع المرابحة في المصارف الإسلامية، حيث فيه مواعدة، وليس المقصود بيع السلم.

هل يجوز العربون في بيع السلم؟


(١) لم يجز مجمع الفقه الإسلامي بجدة الإلزام في المرابحة للطرفين، بل اشترط الخيار لهما أو لأحدهما، انظر القرار ٢و٣ لعام ١٤٠٩هـ (= ١٩٨٨م) بشأن الوفاء بالوعد والمرابحة للآمر بالشراء، في مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الخامس، الجزء الثاني، ١٤٠٩هـ (=١٩٨٨م) ، ص ١٥٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>