للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا الذي أردت قوله في هذه القضية وهي لا بد أن ننبه عليها.

وأنتهي إلى أن بيع العربون جرى به العمل في جميع البلدان الإسلامية وأن الأخذ بقول الجمهور من أنه ممنوع هو عبارة عن تحريف الشريعة والابتعاد عنها، ولذلك كلما وجدنا من طريق إلى ربط الإنسان بدينه مع أن له أصل ومع أنه قول محترم وأن له وجهة نظر، هذا ما يجعلني أؤكد على هذا الحل الوسط الذي هو أنه يستحق من العربون بمقدار ما وقعت له من الخسارة ولا يزيد على ذلك. الشيخ صديق الضرير في بحثه قال: إن قدم العربون على أنه إن تم البيع احتسبه من الثمن وإن لم يتم البيع استرجع ما أخذه، هذا جائز بشرط تحديد مدة الخيار، زيادة على ما تحدث عليه فضيلة الدكتور من أن قضية الخيار لا تشترط فيه المدة وأنه أمر مختلف فيه لكن بهذه الناحية لا بد أيضا أن يشترط الخصم على العربون حتى لا يكون العربون مترددا بين السلفية وبين الثمنية، وأنه لا يجوز في الفقه أن يكون الثمن جزءا من المقدم مترددا بين السلفية والثمنية، وخروجا من هذا لا بد من القضاء عليه.

هذا ما أردت أن أقوله وشكرا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الشيخ وهبة مصطفي الزحيلي:

بسم الله الرحمن الرحيم وبعد.

فإنه يعز علي أن أخرج عن مسلكي واتجاهي في الترجيحات بين الآراء الفقهية علي ما انتهجته في كتابي (منفعة الفقه) لأن الغالب أن ألتزم ترجيح ما عليه كافة الفقهاء أو جمهورهم، إلا أنني في هذا الجانب رجحت في كتابي من مدة طويلة مذهب الحنابلة وارتأيت أن هذا هو المتعين. الشيء الآخر، يعز علي أيضا أن زميلي في الدراسة الدكتور الصديق وقد زاملته سنوات في الدراسات العليا أن أعارضه في هذا الموضوع، فهو لا شك متمكن في علمه واستدلاله واتجاهاته سواء فيما يتعلق بمراعاة ما عليه الفقهاء وما تقتضيه الظروف المعاصرة، لكن في هذا الرأي يظهر أنه جنح إلى الالتزام وكونه في هذا الموضوع من المحافظين،واستند في قضية الترجيح والمنع على رأي الجمهور باعتبار أن هذا الحديث صححه الشيخ أحمد شاكر. وهذا إذا قيس تصحيح أحمد شاكر بما عليه أئمة الحديث كما ذكرنا وهو الإمام ابن حجر والإمام النووي وابن حبان وغيرهم لا يقاس تصحيح أحمد شاكر بتصحيح هؤلاء أو تضعيفهم فلذلك لا أرى وجها للأخذ بالتصحيح، وأؤكد أن كلا الحديثين في المنع والجواز لا يصح الاعتماد عليهما. وإذا خرجنا من دائرة الاعتماد على دليل نصي في هذا الموضوع حينئذ نلجأ إلى أمور أخرى. فالأمر الأول الواضح وهو فعل سيدنا عمر – رضي الله عنه – وعلى إجماع السكوت من قبل بقية الصحابة على ما ارتآه عمر في شراء دار السجن من صفوان بن أمية، والحادثة كما هي مذكورة في أدلة الحنابلة ومذكورة في البحوث كلها. فإذا عندنا أولا: إجماع سكوت. ثانيا: هناك أيضا ما ذكره الإخوة الكرام بأن البخاري سكت عن تضعيف هذه الرواية، وكذلك أيضا موضوع القاضي شريح ورأيه في أن من شرط على نفسه طائعا غير مكره فهو عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>