وإذا كان المجمع الفقهي بأعضائه وخبرائه ومجلسه وهيآته قد هيأه الله لتأصيل العقيدة وتصحيحها، وحماية الشريعة وتفصيلها، فإن الدول الإسلامية والمجتمع الإسلامي من ورائها لينتظران منكم أصحاب السماحة والفضيلة في ظل العدالة الإلهية ووفق أصول الشريعة الإسلامية السمحة، ومبادئها الثابتة، وقواعدها المرنة، أن تقربوا الفقه الإسلامي من المجتمعات الإسلامية لتعي أحكامه، وتعرف مسائله وفروعه، وتكون على بصيرة من أمر دينها في كل تصرفاتهم وجميع أحوالها، وإن تحددوا مجمعيا أحكام الشريعة في القضايا المستجدة على وجه يعين الناس على تحقيق معاشهم وطلب مصالحهم من غير أن تتعارض تلك الأحكام مع الأصول الثابتة والدلائل القطعية للشريعة الحكيمة الفاصلة بين الحق والباطل، ولتحرصوا بارك الله جهودكم وأمدكم بعون منه على وضع ما يمكن ويتأكد من التنظيمات والتراتيب والطرق الإجرائية لضمان قيام متطلبات العصر الراهن ومقتضيات الزمن المعاصر مثل المؤسسات الجديدة والشركات المستحدثة وما يجري بها من التصرفات والأعمال وفق أصول الشريعة الإسلامية.
وإن تطبيق الشريعة لمطلب شريف وضروري وأمر حتمي تصان به الحقوق، ويستتب به الأمن، ويتحقق به العدل، وهو ممكن ويسير على المؤمنين كافة متى تبين لهم الحلال والحرام، وضبطت لهم الأحكام، وأدركت مقاصد الشارع.
وقوي الوازع الديني في النفوس يجنبها الوقوع في محارم الله.
وهذا كتاب الله الكريم وهذه سنة نبيه الشريفة معالم على الطريق ينيران لكم السبيل في مهامكم الشاقة وأعمالكم الجليلة.
فمرحبا بكم أئمة هداة مهديين، ومرحبا بكم فقهاء مجتهدين، في هذا المؤتمر الفخور باجتماعكم فيه وفي غيره من المؤتمرات واللقاءات: تقربون ما شرد من الأنظار الصحيحة والآراء الصائبة السديدة، وتضعون الحلول للمشاكل المستعصية، وتسلكون بالناس منهجا يقيهم على الصراط المستقيم ويزيدهم تمكنا من الدين القيم الذي انتسبوا إليه مختارين، فيتحد طريق المؤمنين كما عهدنا ذلك في صدر الإسلام، وتجتمع كلمتهم، وتلتقي الأمة الواحدة أمة التوحيد أمة محمد صلى الله عليه وسلم على منهج الله وسبيل المؤمنين متآخية متضامنة متناصرة متعاونة ومستجيبة دعوة الحق سبحانه {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}