للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقة الرجوع في العقد بسبب الغبن

هل يعتبر رد المبيع نقضًا للبيع الأول أو يعتبر بيعًا جديدًا؟

قال ابن عاصم في باب الفلس:

وليس من رد البيع ما اشترى

أولى به في فلس أن اعترى

يقول الشيخ ميارة في شرحه لهذا البيت: من اشترى شيئا، ودفع ثمنه ثم وجد به عيبًا فرده على بائعه ففلس البائع قبل أن يرد للمشتري ثمنه فلا يكون المشتري أحق بذلك المعيب الذي رده في ثمنه بل هو أسوة الغرماء. وهذا بناء على أن الرد بالعيب نقض البيع. ولو قلنا: ابتداء بيع. لخير المشتري لكونه صار بائعًا وجد سلعته في التفليس – فهما نظريتان لم يرجح ميارة إحدهما (١) .

القيام بالعيب

إذا قبض المشتري المبيع فاطلع على عيب فيه. فهل يقوم بحقه وينقض البيع؟ في المقام تفصيل.

أولا – البيع على البراءة:

البيع على البراءة: قال ابن عبد السلام: معنى البراءة: التزام المشتري للبائع في عقدة البيع أن لا يطالب بشيء من سبب عيوب المبيع التي لم يعلم بها كانت قديمة أو مشكوكًا فيها (٢) .

إذا باع صاحب السلعة على أنه برئ من كل عيب يظهر بالمبيع. أو باع على أن المبيع معيب بجميع العيوب. فقد اختلف الفقهاء في ذلك.

١- مذهب أبي حنيفة:

ذهب الحنفية إلى أن البيع على البراءة ماض. وانه لا حق للمشتري في الرد بالعيب، يقول في البحر: (ولو برئ من كل عيب به صح وإن لم يسم الكل. ولا يرد بعيب لأن الجهالة بالإسقاط لا تفضي إلى المنازعة) (٣) .

ويقول ابن عابدين: (لا خصوصية للفظ البراءة في إسقاط الحق في القيام بالعيب، فمثله كل ما يؤدي معناه. ومنه ما تعورف في زماننا فيما إذا باع دارًا مثلا. يقول بعتك: هذه الدار على أنها كوم تراب. وفى بيع الدابة يقول: مكسرة محطمة، فإذا قبله المشتري فلا خيار له لأنه قبله بكل عيب يظهر فيه (٤) .


(١) شرح ميارة على التحفة ٢ / ٢٦٠
(٢) مواهب الجليل: (٤ / ٤٣٩)
(٣) البحر الرائق: (٦ / ٧٢)
(٤) رد المحتار: (٤ / ٩٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>