للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعرفها من المالكية أيضا محمد عرفة الدسوقي بالوصف قائلا: "المزايدة: أن تعطي السلعة للدلال ينادي عليها في السوق فيعطي زيد فيها عشرة، فيزيد عليه عمرو، وهكذا إلى أن تقف على حد فيأخذها به المشتري" (١) .

هذه التعريفات في جملتها وصف للجانب الشكلي لهيئة إنجاز المزايدة، وكيفيتها، وخص البيع فيها بالذكر والتمثيل في التعريفات والعناوين، لأنه الغالب والشائع، ولا يمنع ممارستها في غير البيع؛ ذلك أن المزايدة في حقيقتها لا تعدو أن تكون شكلا وهيئة تتناسب وتنسجم مع كل عقد تكون المماكسة فيه زيادة أو نقصانًا جائزة، ومشروعة، كالإيجارات، وعقود العمل، وأرباح الاستثمار في الشركات، وغير ذلك.

المبحث الثاني: دليل مشروعية المزايدة

تستمد (المزايدة) عمومًا، و (بيع المزايدة) خصوصًا مشروعيتها من أحاديث نبوية صحيحة مرفوعة، وآثار مروية عن الصحابة والتابعين وردت في دواوين السنة المطهرة بعناوين مختلفة:

في صحيح الإمام البخاري بعنوان (بيع المزايدة) وذكر تحته الآتي:

"وقال عطاء: أدركت الناس لا يرون بأسًا ببيع المغانم فيمن يزيد"، ثم أردف هذا الأثر بحديث رواه بسنده عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن رجلا أعتق غلاما له عن دبر (٢) ، فاحتاج، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يشتريه مني؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله بكذا وكذا" (٣) .

ففي نداء النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك الرقيق بقوله: (من يشتريه مني) ليبلغ به قدرًا يقضي به حاجة صاحبه دليل على صحة بيع المزايدة؛ إذ أن في هذه الصورة يتحقق معنى المزايدة، وذلك أن يعطي به واحد ثمنًا، ثم يعطي به غيره زيادة عليه (٤) .


(١) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، (بيروت: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع) ، ٣/ ١٥٩
(٢) أي بعد وفاته، ويقال للرقيق يعتقه سيده بعد وفاته: (مدبر)
(٣) البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، تحقيق محمود النواوي وزملاؤه (مكة المكرمة: مكتبة النهضة الحديثة، عام ١٣٧٦ هـ) (٣ / ٦١)
(٤) العيني، بدر الدين أبو محمد محمود، عمدة القاري في شرح البخاري، (بيروت: دار التراث العربي) مصورة عن الطباعة المنيرية، (١١ / ٢٦١) ، وانظر: ابن حجر، أحمد بن علي، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، قسم أبوابه محمد فؤاد عبد الباقي، وصححه محب الدين الخطيب، (مصر: المطبعة السلفية، ومكتبتها) (٤ / ٣٥٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>