للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعقد الإمام الترمذي بابا بعنوان (باب ما جاء في بيع من يزيد) وعرض تحته حديثًا يرويه عن حميد بن مسعدة، حدثنا عبيد الله بن شميط بن عجلان، حدثنا الأخضر بن عجلان، عن عبد الله الحنفي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع حلسا وقدحًا، وقال: ((من يشتري هذا الحلس والقدح)) ؟ فقال رجل: أخذتهما بدرهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم: ((من يزيد على درهم؟ من يزيد على درهم؟ فأعطاه رجل درهمين فباعهما منه)) .

قال الإمام الترمذي: "هذا الحديث حسن لا نعرفه إلا من حديث الأخضر ابن عجلان، وعبد الله الحنفي الذي روى عن أنس هو أبو بكر الحنفي، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم؛ لم يروا بأسا ببيع من يزيد في الغنائم والمواريث، وقد روى هذا الحديث المعمر بن سليمان، وغير واحد من أهل الحديث عن الأخضر بن عجلان" (١) .

قال الإمام جمال الدين الزيلعي: "وإنما حسن حديثه (أبي بكر الحنفي) على عادته في قبول المشاهير...." (٢) .

دلالة الحديث واضحة في "جواز الزيادة على الثمن إذا لم يرض البائع بما عين الطالب" (٣) .

ويعلق العلامة أبو بكر ابن العربي على ما حكاه الإمام الترمذي عن بعض أهل العلم تخصيصهم جواز (بيع من يزيد) بأموال الغنائم والمواريث قائلا:

"لا معنى لاختصاص الجواز بالغنيمة والميراث، فإن الباب واحد، والمعنى واحد، والمعنى مشترك" (٤) .

وقد خرج العلماء هذا التخصيص على الغالب فيما يعتاد فيه البيع مزايدة في ذلك الوقت، حيث كان الجهاد الإسلامي على أشده، وكانت معظم الأموال من الغنائم والتركات، ولا يعني هذا منع بيع المزايدة فيما عداهما. بل يلتحق بهما غيرهما للاشتراك في الحكم، خصوصًا وأنه قد ثبت وقوع البيع في غيرهما مزايدة (٥) .


(١) سنن الترمذي، بشرح تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، مراجعة وتصحيح عبد الرحمن بن عثمان، (مصر: مؤسسة قرطبة) ، (٤ / ٤٠٩)
(٢) نصب الراية لأحاديث الهداية، الطبعة الأولى، (مصر: مطبعة دار المأمون) عام (١٣٥٧ / ١٩٣٨ م) ، (٤ / ٢٣)
(٣) المباركفوري، محمد بن عبد الرحمن، تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، مراجعة وتصحيح عبد الرحمن محمد عثمان، مصر: مؤسسة قرطبة) ، ٤ / ٤٠٩)
(٤) عارضة الأحوذي شرح صحيح الترمذي، الطبعة الأولى، (مصر: المطبعة الأزهرية، عام ١٣٥٠ / ١٩٣١ م)
(٥) انظر: ابن حجر، فتح الباري، (٤ / ٣٥٤) : المباركفوري، تحفة الأحوذي، (٤ / ٤١٠ – ٤١١)

<<  <  ج: ص:  >  >>