للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونرى في هذه الجزئية أن راكب الدابة لا يضمن بما وطئته دابته، لأنها بعد الجموح والانفلات صارت مستقلة في سيرها، فلا يمكن أن تنسب المباشرة إلى الراكب.

٢- وكذلك ذكر الفقهاء أنه إذا نخس الدابة رجل غير الراكب، فالضمان على الناخس، دون الراكب، قال صاحب الهداية (١) :

(ومن سار على دابة في الطريق، فضربها رجل أو نخسها، فنفحت رجلا، أو ضربته بيدها، أو نفرت فصدمته فقتلته كان ذلك على الناخس دون الراكب) وهو المروي عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما، ولان الراكب والمركب مدفوعان بدفع الناخس، فأضيف فعل الدابة إليه، كأنه فعله بيده، ولأن الناخس متعد في تسبيبه، والراكب في فعله غير متعد، فيترجح جانبه في التغريم للتعدي حتى لو كان واقفا دابته على الطريق يكون الضمان على الراكب والناخس نصفين لأنه متعد في الإيقاف أيضا (وإن نفحت الناخس كان دمه هدرا) لأنه بمنزلة الجاني على نفسه ... (ولو وثبت بنخسة على رجل أو وطئته فقتلته كان ذلك على الناخس دون الراكب) لما بيناه.

وقد ورد فيه أثر لابن مسعود رضي الله عنه، أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٢) ، قال: "أقبل رجل بجارية من القادسية، فمر على رجل واقف على دابة، فنخس الرجل الدابة، فرفعت رجلها، فلم تخطئ عين الجارية، فرفع إلى سلمان بن ربيعة الباهلي، فضمن الراكب، فبلغ ذلك ابن مسعود، فقال: على الرجل، إنما يضمن الناخس" وأخرجه أيضا عبد الرزاق في مصنفه (٣) ، وأخرج ابن أبي شيبة نحوه عن شريح والشعبي، وراجع نصب الراية للزيلعي (٤) والمسألة هي هي عند الشافعية أيضا (٥) .


(١) الهداية مع فتح القدير: ٩ / ٢٦٧
(٢) مصنف ابن أبي شيبة: ٩ / ٤٢٩
(٣) مصنف عبد الرزاق: ٩ / ٤٢٣
(٤) نصب الراية للزيلعي: ٤ / ٣٨٨ – ٣٨٩
(٥) مغني المحتاج ٤ /٢٠٤

<<  <  ج: ص:  >  >>